الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

مواطن الشعوب الاسلامية في إفريقية
(٥)
ارتيريا والحبشة

مواطن الشعوب الاسلامية في إفريقية
(٥)
ارتيريا والحبشة
عدد : 11-2023
تأليف : محمود شاكر

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الأولى
يظن كثير من الناس أن غالبية سكان الحبشة من النصارى حتى أن هذا الظنّ قد وصل إلى مرتبة اليقين، وقد شاع هذا الخطأ وانتشر حتى أصبح لا يحتاج إلى بحث أو نقاش وإنما مجرد ذكر الحبشة يتداعى إلى الذهن أن غالبية السكان من اتباع النصرانية إن لم يكونوا جميعاً رغم أنهم لا يزيدون على الثلث وذلك لأن النصرانية هي دين الدولة الرسمي ولأن الكنيسة هي صاحبة السيطرة والقوة، ولرجالها النفوذ والهيمنة فلا يسمح لصوت أن يرتفع إلا إذا كان نصرانياً ولا ترضى الكنيسة عن حديث إلا إذا كان حسب رغبتها ورأيها، كما أن سيطرة الاقلية النصرانية واستلامها الحكم في القديم والحديث جعل البلاد في عزلة تامة فالحكام يحسون بالقلق، ويشعرون بعدم الاطمئنان ويخافون من الغرباء، يضاف إلى هذا أن طبيعة البلاد، ووجود المرتفعات الشاهقة والأودية السحيقة جعل المواصلات صعبة والانتقال من مكان إلى آخر أمراً عسيراً مما زاد العزلة انعزالاً .

والمسلمون هناك محجوبة أخبارهم غامضة عنا أوضاعهم يلاقون أنواعاً من العذاب لا يعلم مدى هوله إلا الجلادون رغم أنهم يقاربون الثلثين والمسلمون في مشارق الارض ومغاربها نيام عن مآسي اخوانهم غفل عن أوضاعهم ولو قلنا (نيام) واقتصر الأمر على ذلك لعذرهم المرء قليلاً لفرط جهلهم وسوء وضعهم ولكن ـ لا عذر لهم - فالذين يعرفون أحوالهم ويدركــون مصائبهم يمدون يد المساعدة لخصومهم ويتبجحون بصداقة أعدائهم، ويلتمسون منهم الرضا، ويتوسلون إليهـم بـالـزيــارة والقربي، وقد أصبحت الأخبار كثيرة والأنباء وفيرة عن أوضاع الحبشة الداخلية بحيث لا تخفى على أحد ولكن لا يذكرها عالم، ولا يتصدى لبحثها كاتب ليتعرف المسلمون على أوضاع إخوانهم فيثير فيهم الحماس، ويبعدهم عن الركب الجارف وراء حكامهم أصحاب المصالح والهوى وزعمائهم المستقلين وعلمائهم المتفرقين .
يعرف المسلمون ان التفرقة شرّ ، وان التجرؤ مصيبة ، وعلى هذا فهم مشتتون يختلفون لاختلاف الرؤساء، وتناحر الحكام، وحب الزعامة والسلطان والفئات المتطلعة للزعامة تكسب عناصرها بالكذب والدعاية ورفع الشعارات البراقة ، والمسلمون متخلفون يصدقون ويُخدعون فإذا وصلت الفئة إلى ما تبغي إذا بها ترتد على الإسلام تحاربه، وتقدم الأحرار للمعاقل والسجون أو إلى المشانق وراء كسب مادي رخيص أو تنفيذاً الإشارة مستعمر بغيض، وإن بقاء هذا الوضع لن يزيد المسلمين إلا ضعفاً وتأخراً ، وبعداً وتناحراً ، وجفاء وتنافراً . ولست أدخر نصحاً عندما أقول : إن المسلمين إذا بقوا على ما هم عليه من التفرقة والسير وراء المتاجرين بالزعامة وأصحاب النفوذ والمطامع أو وراء أصحاب المبادىء المستوردة، والنظريات الإلحادية وراء الذين يقولون مالا يفعلون، وراء من ينادون بالاسلام إن كان لهم في ذلك غنم، ثم يحاربون الإسلام إذا وصلوا إلى مكاسبهم، إن بقي المسلمون على ذلك فإن وضعهم مهدد ومصيرهم مجهول، والاتكال لا يكون إلا بالعمل، والمعرفة لا تكون إلا بالتجربة، والحكم بالإسلام لا يكون إلا بالجهاد .

ولكن هذا الوضع لن يبقى طويلاً بإذن الله فالمسلمون قد بدأوا يتيقظون من رقدتهم، وينفضون عن عيونهم غبار الجهل الذي أورثهم إياه المستعمر، وينفضــون عـن أصحاب الهوى وبدأوا يتعرفون على أوضاع إخوانهم في جميع أجزاء المعمورة ويحاولون مساعدتهم ما شاء الله لهم أن يساعدوا .

ولست أريد في هذا البحث إلا أن أوضح أوضاع المسلمين في بلاد قريبة منا ، مجاورة لنا وأبين ما يلاقونه من اضطهاد ليتعرف المسلمون على أحوالهم والله نسأل التوفيق وسداد الخطأ.

"محمود شاكر"