بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن إمرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأَوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن غسان بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الأشهلي الأوسي الأنصارى رضي الله عنه صحابي من كبار صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكان يكنى أبا يحيى وأبا عتيك وكان واحدا من أشراف العرب وساداتهم في الجاهلية والإسلام وقد ورث المكارم والمناقب كابرا عن كابر وكان صاحب فكر صاف وشخصية مستقيمة قوية وناصعة ورأى ثاقب وإشتهر بأنه كان يجيد القراءة والكتابة ويتقن السباحة والرمي وكان هذا الأمر غير منتشر في الجاهلية فكانوا يسمون من كانت فيه هذه الخصال بالكامل وكان أسيد رضي الله عنه أيضا من المسلمين الذين حظوا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ورافقوا الرسالة النبوية الشريفة منذ أشرقت أنوارها في المدينة المنورة وفي ثنايا بيته فاحت روائح الطيب في طيبة الطيبة فإنتشر فيها الإسلام فكانت خيرا وبركة على أرجاء المعمورة وواحدا من رجال الأنصار الذين أخلصوا لله الواحد القهار ففاحت عطور فضائلهم وعبقت في ديار الإسلام حيث إجتمع في هؤلاء الرجال العديد من صفات البر والصلاح والزهد والعبادة وإمتازوا بالكرم والجود والسخاء وساروا في درب السعداء وكان من هؤلاء القوم الذين نصروا دين الله ونبيهم صلى الله عليه وسلم وما وهنوا وما ضعفوا وما إستكانوا ولا خافوا وفتحوا قلوبهم قبل بيوتهم لإستقبال النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فتسابقوا فيما بينهم على البذل والعطاء وحسن الكرم والضيافة وتنافسوا في ميادين الفضائل إبتغاء مرضاة الله تعالى والفوز بسعادة الدارين مصدقين بما جاء به نبيهم صلى الله عليه وسلم فكان في عز ومنعة بينهم مع قومه وأهل بلده وهو ينتمي إلى بني عبد الأشهل أحد بطون قبيلة الأوس وكان من كبار ساداتها وهم من خير قبائل الأنصار حيث ورد في صحيح الإمام البخارى في باب فضل دور الأنصار عن أبي أسيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير وكانت فبيلة الأوس إحدى القبائل العربية الرئيسية في المدينة المنورة وكانت القبيلة الأخرى هي قبيلة الخزرج وكانت هناك نزاعات وصراعات وحروب طاحنة بين القبيلتين قبل الإسلام إستمرت 140 عاما وكانت قبائل اليهود التي تسكن المدينة تغذى تلك النزاعات والحروب وتحيك المؤامرات والفتن بما يحقق لهم البقاء والريادة بالمدينة ولم تتوقف تلك الحروب بين القبيلتين إلا قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات وبدخول معظم أبناء القبيلتين في الإسلام إنتهت الصراعات والحروب وساد السلام بين القبيلتين وشكلت القبيلتان الأنصار بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وكان من أشهر رجال قبيلة الأوس الصحابي الجليل سعد بن معاذ وكان سيد الأوس وبشير بن سعد ومحمد بن مسلمة وسعد بن خيثمة وقتادة بن النعمان وأبو لبابة رضي الله عنهم جميعا وكان ميلاد الصحابي الجليل أسيد بن حضير رضي الله عنه في المدينة المنورة وغير معلوم لنا تاريخ ميلاده بالتحديد مثلما هو الحال مع الكثير من الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم جميعا وإن كان من المؤكد أنه كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة المنورة .
وكان حضير بن سماك أبو أسيد بن حضير رضي الله عنه سيدا من سادات قبيلته وفارسا من أشجع فرسانهم ومقاتلا من أشد مقاتليهم وكان أحد قادتهم يوم بعاث وهي آخر معركة من المعارك التي كانت تنشب بين قبيلتي الأوس والخزرج بالمدينة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها وقد وقعت هذه المعركة قبل الهجرة بخمس سنوات وتعد أشهر وأدمى معركة بين قبيلتي الأوس والخزرج وآخرها حيث كانت قد أخذت بهم الأحقاد والضغائن حتى أخذوا يستعدون لهذا اليوم ويعدون عدتهم قبل شهرين من هذه الواقعة حيث حالف الخزرج قبائل بلي وأشجع وجهينة وحالف الأوس قبيلة مزينة وقبائل اليهود بني قريظة وبنو النضير وغيرهم وسميت المعركة ببعاث نسبةً للمنطقة التي تصادم بها الحشدان وقامت عليها الحرب وهي منطقة ليهود بني قريظة كانت تقع قرب المدينة المنورة وبعد الإستعداد الطويل لهذا اليوم المرتقب وإزدياد الإحتقان المتصاعد بين الطرفين إلتقيا ودارت رحى المعركة بيتهما فإنكسر الأوسيون عندما إشتد وطيس المعركة ولم يقاوموا فإنهزموا هزيمة واضحة ولاذوا بالفرار إلا أن قائدهم حضير الكتائب قام بطعن قدمه بالرمح وصاح بأعلى صوته واعقراه كعقر الجمل والله لا أعود حتى أقتل فإن شئتم يا معشر الأوس أن تسلموني فإفعلوا وعندما سمعوا صوته عطفوا عليه عطفة رجل واحد وإستعرت الحرب وإشتد سعيرها فقلب الأوسيون الحال رأسا على عقب وقتل عمرو بن النعمان قائد الخزرج بسهم لا يعرف له رام وحمل ملفوفا بعباءة يحمله أربعة ولم ينقض وقت طويل حتى إنهزم الخزرج هزيمة نكراء والأوس من خلفهم بالسلاح لا تأخذهم بهم رحمة فصاح أحد الأوسيون يا معشر الأوس أحسنوا ولا تهلكوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب يقصد اليهود الذين كانوا يبثون نار الفتنة بين الطرفين ومع هذا الصوت توقفوا عن قتلهم وسلبهم وكانت الحروب الأهلية التي كانت تنشب كل فترة بالمدينة المنورة بين قبيلتي الأوس والخزرج قد أنهكتهما وبعد يوم بعاث قرر عقلاء الطرفين وضع حد لهذه الحال فإتفقوا على تنصيب رجل واحد منهم يقبله الطرفان ملكا عليهم فوقع الإختيار على عبد الله بن أبي بن سلول وفيما كانا يجهزان له ملكه حدثت بيعة العقبة الأولى والثانية ودخل أهل المدينة المنورة في الإسلام ثم هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم فزال ملك عبد الله بن أبي بن سلول قبل أن يهنأ به ولو ليوم واحد فعاش تحت سيادة النبي صلى الله عليه وسلم وتحول إلى أكبر منافق ومعاد للنبي صلى الله عليه وسلم عرفه التاريخ الإسلامي حيث كان يرى أن النبي قد إنتزع منه ملكه الذى كان يجهز نفسه له فإمتلأت نفسه هو وأنصاره بالكراهية والغل والحقد والضغينة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الإسلام والمسلمين وهكذا كان يوم بعاث نهاية للحروب بين الأوس والخزرج وبدخولهم في الإسلام جميعا أصبحت سيوفهم تسل على عدو واحد دفاعا عن عقيدتهم وأما أم أسيد بن حضير رضي الله عنه فهي السيدة أم أسيد بنت السكن أخت الصحابي الجليل يزيد بن السكن ر ضي الله عنه أحد السابقين إلى الإسلام من الأنصار وأحد شهداء غزوة أحد وعمة الصحابية الجليلة الملقبة بخطيبة النساء أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها والتي كانت من السابقين إلى الإسلام أيضا من الأنصار وكان إسلامها علي يد سفير الإسلام مصعب بن عمير رضي الله عنه الذى أوفده الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم بعد بيعة العقبة الأولي إلي المدينة المنورة ليدعو إلى الإسلام وليعلم من أسلم من أهلها القرآن الكريم وأصول وفرائض الإسلام .
وكان مصعب بن عمير رضي الله عنه عندما وفد إلى المدينة المنورة نزل بدار الصحابي أسعد بن زرارة رضي الله عنه وأخذ يدعو أهل المدينة من الأوس والخزرج إلى الإسلام وبدا الكثير منهم يدخل في الإسلام ولما سمع سيد الأوس سعد بن معاذ بأمر مصعب وأنه يدعو إلى دين جديد وأن هذا الدين الجديد يفرق بين الزوج وزوجه وبين الأب وإبنه عندما يدخل أحدهما في الإسلام ويظل الآخر على الشرك طلب من أسيد بن حضير أن ينطلق إلى دار أسعد بن زرارة ويطلب منه طرد هذا الرجل الذى وفد المدينة ليفسد على أهلها حياتهم ويسفه ديانتهم وقال له إنه محرج أن يذهب هو لأسعد بنفسه لأنه إبن خالته ولولا ذلك لكفاه فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد فلما رآه أسعد قال لمصعب هذا سيد قومه قد جاءك فأصدق الله فيه فقال مصعب إن يجلس أكلمه فوقف أسيد عليهما متشتما وقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا إعتزلانا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة فإبتسم مصعب في وجهه وقال له أو تجلس يا رجل فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره فقال أسيد أنصفت ثم رَكَز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه آيات من القرآن الكريم فقالا والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله ثم قال ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين فقالا له تغتسل فتتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم تصلي فقام فإغتسل وطهر ثوبيه ونطق بالشهادتين ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما إن ورائي رجلا إن يتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن وهو سعد بن معاذ ثم أخذ حربته وإنصرف إلى سعد وقومه وهم في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم فلما وقف على النادى قال له سعد وما فعلت فقال كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت وإحتال أسيد على سعد بن معاذ من أجل أن يذهب إلى مصعب لكي يحدث له ما حدث له فقام سعد مغضبا وأخذ الحربة وذهب لدار أسعد فلما رآه أسعد قادما قال لمصعب جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن يتبعك ما تخلف عنك منهم إثنان فلما رأى سعد كلا من مصعب وأسعد مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد أن يسمع منهما فوقف متشتما لهما ثم قال لأسعد بن زرارة يا أبا أمامة والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارنا بما نكره فقال له مصعب أو تجلس يا رجل وتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره فقال سعد أنصفت ثم ركز الحربة وجلس فكلمه مصعب في الإسلام وقرأ عليه آيات من القرآن الكريم ويقول مصعب وأسعد فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال لهما كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين فقالا تغتسل وتتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم تصلي ركعتين فقام فإغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل عائدا إلى نادى قومه ومعه أسيد بن حضير فلما رآه قومه مقبلا قالوا نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمرى فيكم قالوا سيدنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة فقال فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم قالوا فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا إمرأة إلا مسلما أو مسلمة وبدخول كل من سعد بن معاذ وأسيد بن حضير رضي الله عنهما إنتقل مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى دار سعد بن معاذ رضي الله عنه سيد قومه والذى أصبح هو المنارة التي يشع منها نور الإسلام في المدينة المنورة وهكذا كان الصحابي أسيد بن حضير رضي الله عنه سببا في إسلام سعد بن معاذ وإسلام فومه من بني عبد الأشهل ومن وراءهم كل بطون الأوس ومن وراءهم بطون الخزرج ولم يبق من قبليتي الأوس والخزرج على الشرك سوى نفر قليل .
وكان أسيد بن حضير رضي الله عنه ممن حضروا بيعة العقبة الثانية وكان أحد نقباء الأنصار الإثنى عشر ولما وفد النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة مهاجرا من مكة المكرمة آخى بين أسيد بن حضير وزيد بن حارثة رضي الله عنهما ولم يشهد أسيد بن حضير رضي الله عنه غزوة بدر حيث كان الخروج في البداية إختياريا والغرض منه إعتراض عير قريش فلما حدثت الغزوة وإنتصر المسلمون وعادوا إلى المدينة المنورة قال أسيد يا رسول الله الحمد لله الذى نصرك وأقر عينك والله يا رسول الله ما كان تخلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدوا ولكني ظننت أنها العير ولو ظننت أنه عدو ما تخلفت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له صدقت وفي يوم أحد كان ممن ثبتوا حول النبي صلى الله عليه وسلم وجرح حينئذ سبع جروح وبعد ذلك شهد غزوة الخندق وبني قريظة وغزوة بني المصطلق وفي طريق العودة إلى المدينة المنورة بعد إنتهاء هذه الغزوة وإنتصار المسلمين أبلغ الصحابي الجليل زيد بن الأرقم الأنصارى رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قول رأس النفاق بالمدينة عبد الله بن أبي بن سلول حين قال لأنصاره من أهل المدينة قولته البغيضة لقد أحللتمومهم بلادكم وقاسمتوهم أموالكم أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دياركم أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعز منها الأذل قاصدا النبي صلى الله عليه وسلم ولما واجهه النبي صلى الله عليه وسلم بما قال أنكر مقولته لكن الوحي نزل على النبي يكذبه ويصدق كلام زيد بن الأرقم فقابل النبي بعدها أُسيد بن حضير رضي الله عنه فسأله أما بلغك ما قال صاحبكم فقال أسيد بن حضير رضي الله عنه وأى صاحب يا رسول الله فقال النبي عليه الصلاة السلام عبد الله بن أبي بن سلول زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال أسيد رضي الله عنه فأنت والله يا رسول الله الأعز تخرجه منها إن شاء الله وهو الأذل يا رسول الله إرفق به فوالله لقد جائنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ملكا على المدينة فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكا وبهذا التفكير الهادئ العميق المتزن الواضح كان أسيد بن حضير رضي الله عنه دائما يعالج القضايا ببديهة حاضرة وثاقبة وبعد ذلك شهد أسيد بن حضير بيعة الرضوان وصلح الحديبية وغزوة خيبر وعمرة القضاء وفتح مكة وغزوة حنين وحصار الطائف ثم غزوة تبوك وحجة الوداع ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين 12 من شهر ربيع الأول عام 11 هجرية وحدث أن تجمع فريق من الأنصار في سقيقة بني ساعدة حيث أعلن عدد من هذا الفريق وعلى رأسهم سعد بن عبادة سيد الخزرج أحقيتهم بالخلافة وطال الحوار وإحتدمت المناقشة فكان موقف أسيد رضي الله عنه فعالا في حسم الموقف وكانت كلماته كفلق الصبح في تحديد الإتجاه وحسم الأمر فقد وقف خطيبا وقال تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين فخليفته إذن ينبغي أن يكون من المهاجرين ولقد كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته بعد مماته ولما إستقر الأمر على إختيار أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة للنبي صلى الله عليه وسلم كان من أوائل من بايعوه وهكذا تم حسم الأمر وتوحيد كلمة المسلمين سواء المهاجرين أو الأنصار على خليفة واحد إرتضوه جميعا وإلتفوا حوله من أجل نصرة الإسلام في وقت حرج للغاية مطلوب فيه التوحد لا الفرقة .
وكان للصحابي الجليل أسيد بن حضير رضي الله عنه الكثير من المواقف مع النبي صلى الله عليه وسلم منها ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح نعم الرجل أسيد بن حضير نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس نعم الرجل معاذ بن جبل نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل كلهم من بني عبد الأشهل سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهم جميعا وعن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال بينما هو يحدث القوم فطعنه النبي في خاصرته بعود فقال أَصبرني أى أقدني من نفسك فقال إستقد قال إن عليك قميصا وليس علي قميص فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فإحتضنه أسيد وجعل يقبل كشحه وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي وقال إنما أردت هذا يا رسول الله وعن الصحابي الجليل وراوى الحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاء أسيد بن حضير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان قسم طعاما فذكر له أهل بيت من الأنصار من بني ظفر فيهم حاجة وجل أهل ذلك البيت نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تركتنا يا أسيد حتى ذهب ما في أيدينا فإذا سمعت بشئ قد جاءنا فإذكر لي أهل ذلك البيت فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر شعير أو تمر فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وقسم في الأنصار فأجزل وقسم في أهل البيت فأجزل فقال أسيد بن حضير رضي الله عنه متشكرا جزاك الله أى نبي الله أطيب الجزاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم وأنتم معشر الأنصار فجزاكم الله أطيب الجزاء فإنكم ما علمت أعفة صبر وسترون بعدى أثرة في الأمر والقسم فإصبروا حتى تلقوني على الحوض وقال أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه كان أسيد بن حضير رضي الله عنه من أحسن الناس صوتا بالقرآن فقال أسيد رضي الله عنه قرأت ليلة سورة البقرة وفرس لي مربوط ويحيى إبني مضطجع قريب مني وهو غلام فجالت الفرس فقمت وليس لي هم إلا إبني ثم قرأت فجالت الفرس فقمت وليس لي هم إلا إبني ثم قرأت فجالت الفرس فرفعت رأسي فإذا شئ كهيئة الظلة في مثل المصابيح مقبل من السماء فهالني فسكت فلما أصبحت غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالأمر فقال تلك الملائكة دنوا لصوتك ولو قرأت حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه أيضا وأبي عبد الله يزيد إبن الهاد الليثي المدنى عن محمد بن إبراهيم التيمي المدني عن أسيد بن حضير رضي الله عنهم جميعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إقرأ يا أسيد فقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود وعن السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون إلى المدينة المنورة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فبينما رسول الله في حجرى راقد أقبل أبي فلكزني لكزة ثم قال حبست الناس ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إستيقظ وحضر الصبح فإلتمس الماء فلم يجده فنزلت آية التيمم في سورة المائدة فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فقال أسيد بن حضير قد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر ما أنتم إلا بركة .
ومثلما كان للصحابي الجليل أسيد بن حضير رضي الله عنه العديد من المواقف مع النبي صلى الله عليه وسلم كان له أيضا العديد من المواقف مع قومه ومع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين منها موقفه مع قومه والذى يدل على سمو مكانته ومنزلته بينهم لما إشتكى من مرضه فعن عبد الله بن هبيرة أن أسيد بن حضير رضي الله عنه كان يؤم بني عبد الأشهل وأنه إشتكى من مرض ألم به فخرج إليهم بعد شكواه للصلاة فقالوا له تقدم قال لا أستطيع أن أصلي قائما قالوا لا يؤمنا أحد غيرك ما دمت فقال إجلسوا فصلى بهم جلوسا وكان أسيد بن حضير قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم قوله إنكم ستلقون بعدى أثرة فلما كان زمان عمر قسم حللا فبعث إلي أسيد منها بحلة فإستصغرها فأعطاها لإبنه فبينما هو يصلي إذ مر به شاب من قريش عليه حلة من تلك الحلل يجرها فذكر قول رسول الله إنكم ستلقون بعدى أثرة فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنطلق رجل إلى عمر فأخبره فجاء وأسيد يصلي فقال صل يا أسيد فلما أنهى صلاته قال له عمر كيف قلت فأخبره فقال له عمر تلك حلة بعثت بها إلى فلان وهو عقبي بدرى أحدى فأتاه هذا الفتى فإبتاعها منه فلبسها فظننت أن ذلك يكون في زماني فقال أسيد قد والله يا أمير المؤمنين ظننت أن ذلك لا يكون في زمانك وأخيرا كانت وفاة الصحابي الجليل أسيد بن حضير رضي الله عنه في شهر شعبان عام 20 هجرية بالمدينة المنورة في عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذى صلى عليه وحمل نعشه حتى تم دفنه بالبقيع وأوصى إلى عمر فنظر عمر في وصيته فوجد عليه دين قيمته 4 آلاف دينار فبيعت أرضه فقال عمر لا أترك بني أخي عالة فرد الأرض وباع ثمرها 4 سنين بأربعة آلاف كل سنة ألف درهم وقضى دينه رحم الله أسيد وعمر رضي الله عنهما رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته .
|