بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
أبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار النجارى الخزرجي الأنصارى رضي الله عنه صحابي جليل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينتمي إلى بني النجار أحد بطون قبيلة الخزرج التي كانت إحدى القبائل العربية الرئيسية في المدينة المنورة وكانت القبيلة الأخرى هي قبيلة الأوس وكانت هناك نزاعات وصراعات وحروب طاحنة بين القبيلتين قبل الإسلام إستمرت 140 عاما وكانت قبائل اليهود التي تسكن المدينة تغذى تلك النزاعات والحروب وتحيك المؤامرات والفتن بما يحقق لهم البقاء والريادة بالمدينة ولم تتوقف تلك الحروب بين القبيلتين إلا قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات وبدخول معظم أبناء القبيلتين في الإسلام إنتهت الصراعات والحروب وساد السلام بين القبيلتين وشكلت القبيلتان الأنصار بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ويعد بنو النجار أخوال والد النبي محمد صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب وهم من خير قبائل الأنصار حيث ورد في صحيح البخارى في باب فضل دور الأنصار عن أبي أسيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير وكان من أشهر الصحابة من بني النجار غير الصحابي الجليل أبو طلحة الأنصارى رضي الله عنه الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصارى الذى نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في منزله بعد أن هاجر إلى المدينة المنورة قادما من مكة المكرمة حتى تم بناء المسجد النبوى الشريف وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم وأهله والصحابي حسان بن ثابت الخزرجي رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه حيث يرجع نسبه إلى عدى بن النجار عن طريق أمه الصحابية الأنصارية أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها وأيضا الصحابي الجليل أسعد بن زرارة النجارى الخزرجي الأنصارى رضي الله عنه الذى كان يلقب بنقيب بني النجار وكان من فضل بني النجار في الإسلام أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نقب على النقباء الصحابي أسعد بن زرارة فلما توفاه الله أثناء بناء المسجد النبوى الشريف إجتمعت بنو النجار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يجعل منهم مكانه نقيبا عليهم فقال لهم أنتم أخوالي وأنا فيكم وأنا نقيبكم وكره الرسول أن يخص بها بعضهم دون بعض ويروى أنه بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بعد هجرته إليها أن خرجت بنات صغيرات من بني النجار مستبشرات وفرحات بقدومه صلى الله عليه وسلم وهن ينشدن نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهن الله يعلم إني لأحبكن وكان النبي صلى الله عليه وسلم عطوفا يكرم الأنصار وأبناءهم ويعطيهم كل رعاية وإهتمام وكان ميلاد الصحابي أبي طلحة الأنصارى بالمدينة المنورة قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بستة وثلاثين عاما وليس لدينا معلومات كثيرة عن نشأته ومسيرة حياته في الجاهلية قبل دخوله في الإسلام سوى أنه كان رجلا ذا مكانة وذا مال فكان يعد من أغنى أهل المدينة المنورة كما أنه كان جهير الصوت وفارسا مغوارا ومن أمهر الرماة كما أنه كان كريما لا يضن ولا يبخل بماله أبدا وكان يساعد الفقراء والمحتاجين حتى قبل إسلامه .
وحدث بعد أن وفد النبي محمد صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة أن أراد الصحابي أبو طلحة الزواج من السيدة أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها وذلك بعد وفاة زوجها الأول وذلك لما لحسنها وجمالها وكان قد تقدم إليها كثير من الرجال لكنها كانت دائما رافضة فكان ردها علر أبي طلحة أما إني فيك لراغبة وما مثلك يرد ولكنك رجل كافر وأنا إمرأة مسلمة ولا يمكن لمؤمنة الزواج من مشرك وأفلا تستحي يا رجل أن تعبد خشبة من نبات الأرض نجرها حبشي وأنا لا أريد ذهبا ولا فضة أريد الإسلام فإن تسلم فذاك مهرى لا أسألك غيره وقد قالت ذلك بكل كبرياء فأحس أبو طلحة بالهزيمة مع كونه كان رجلا ذا مكانة وذا مال في المدينة المنورة كما أسلفنا لكن لم تردها هذه المغريات عن دينها لأنها كانت تتمتع بدفء الإيمان وثبات العقيدة وحلاوة الإسلام وكانت أيضا فصيحة اللسان كما نرى في ردها علي أبي طلحة والذى عندما سمع منها ما قالته سألها ماذا إنني فاعل فأشارت عليه بالذهاب لرسول الله صلي الله عليه وسلم وبالفعل ذهب أبو طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان الرسول جالسا بين أصحابه فتبسم له لما رآه مقبلا وقال أتانا أبو طلحة وغرة الإسلام في عينه فجلس بجوار النبي صلي الله عليه وسلم وحكى له ما دار بينه وبين أم سليم ففهم الصحابة رضوان الله عليهم أن أم سليم إستطاعت بحنكتها وذكاءها وفصاحتها أن تدخل الإسلام إلى قلب أبي طلحه فأرسل النبي صلي الله عليه وسلم إلى أم سليم فأتت ومثلت بين يديه فأمر أبا طلحة بدفع مهرها فتقدم ونظر إليها نظرة إجلال وإحترام وأشهر إسلامه ونطق بالشهادتين فقبلت الزواج منه وبذلك كانت قصة زواجها منه هي العجب بعينه وكانت قصة لم تتكرر في التاريخ مثلها فكانت أول إمرأة جعلت مهرها إسلام زوجها حيث صارت سببا في دخول أبي طلحة في الإسلام فحازت بذلك على الفضيلة التي وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فوالله لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النَعم وبزواجها من أبي طلحة إنتقلت أم سليم لتعيش مع زوجها حياة ملؤها الإيمان والتقوى وقد أنجبت أم سليم رضي الله عنها من أبي طلحة رضي الله عنه طفل سمي عمير والذى كانت له قصة مشهوره مع الرسول صلي الله عليه وسلم عندما مات له طائر كان يلعب به كان يسميه المغير فمر به الرسول فوجده حزينا مهموما فسأله لماذا هذا الحزن فقال له لقد مات المغير فأخذ الرسول يواسيه ويمسح علي رأسه وقد توفي عمير صغيرا فكان لأم سليم موقف مشهود مع زوجها عند وفاته يدل على تمتعها بعقل راجح وحكمة بالغة وصبر جميل مما دل علي أنها كانت رضي الله عنها من عقلاء النساء وأرجحهن عقلا فعن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا طلحة وأمه أم سليم رضي الله عنهما كان لهما إبن صغير في سن الطفولة إسمه عمير كانا يحبانه حبا كبيرا وحدث أن مرض هذا الطفل مرضا شديدا جعله طريح الفراش فتأثر أبو طلحة بمرض طفله وفي يوم من الأيام خرج مع الرسول صلَّى الله عليه وسلم للصلاة فمات الغلام في ذلك الوقت فقالت أم سليم رضي الله عنها لا تخبروا أبا طلحة حتى أكون أنا من يخبره وسجت عليه ثوبا فلما جاء أبو طلحة رضي الله عنه وضعت بين يديه طعاما فأكل ثم تطيبت له فأصاب منها وقالت له يا أبا طلحة إن آل فلان إستعاروا من آل فلان عارية فبعثوا إليهم أن إبعثوا إلينا بعاريتنا فأبوا أن يردوها فقال أبو طلحة رضي الله عنه ليس لهم ذلك إن العارية مؤداة إلى أهلها فقالت له فإن إبنك كان عارية من الله وإن الله قد قبضه فإسترجع ويقول أنس فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال بارك الله لهما في ليلتهما وبالفعل فقد حملت السيدة أم سليم وأنجبت غلاما حنكه الرسول صلى الله عليه وسلم بتمرات وسماه عبد الله وببركة هذا التحنيك رزقه الله سبع أولاد كلهم حفظة قرآن .
وقد إشتهر الصحابي أبو طلحة رضي الله عنه بكثرة العبادة فكان من صفاته الإجتهاد في الطاعات فقد روى عنه أنه صام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين عاما ولم يكن يفطر إلا في الأيام التي يحرم فيها الصوم وكان أبو طلحة من أكثر أهل المدينة المنورة مالا وكان له بستان إسمه بيرحاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخله ويستظل بظله وكان بداخله بئر كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب من مائه وعندما نزلت آية في سورة آل عمران نصها لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَئٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ قام من غير تردد ولا تأخير وتبرع بأحب أمواله إليه حيث ذهب أبو طلحة للرسول وقال له أحب مال هذا البستان فهي لله ورسوله فإفعل بها ما شئت يا رسول الله فقال الرسول صلي الله عليه وسلم ذلك المال الرابح وإني أرى أن تجعلها في أهلك الأقربين وأمره بأن يتصدق به على ذوى رحمه وأبناء عمومته فنفذ أمر النبي وتصدق أبو طلحة به على ذوى رحمه وكان منهم حسان بن ثابت وأبيّ بن كعب رضي الله عنهما وكان من مواقف أبي طلحة رضي الله عنه مع النبي صلى ألله عليه وسلم ما رواه الإمام البخارى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه يقول قال أبو طلحة لأم سليم رضي الله عنها لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع فهل عندك من شئ قالت نعم فأخرجت أقراصا من شعير ثم أخرجت خمارا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدى ولاثتني ببعضه ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم فقال لي رسول الله أرسلك أبو طلحة فقلت نعم قال بطعام فقلت نعم فقال رسول الله لمن معه قوموا فإنطلق وإنطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليس عندنا ما نطعمهم فقالت الله ورسوله أعلم فإنطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله وأبو طلحة رضي الله عنه معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هلم يا أم سليم ما عندك فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت وعصرت أم سليم رضي الله عنها عكة فآدمته ثم قال رسول الله فيه ما شاء الله أن يقول ثم قال إئذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال إئذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال إئذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال إئذن لعشرة فأكل القوم كلهم والقوم سبعون أو ثمانون رجلا وقد روى الإمام مسلم بن الحجاج وغيره من طريق إبن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق شعره بمنى فرق شقه الأيمن على أصحابه الشعرة والشعرتين وأعطى أبا طلحة رضي الله عنه الشق الأيسر كله .
وإلى جانب كل ما سبق كان من فضائل الصحابي الجليل أبي طلحة الأنصارى رضي الله عنه إمتثاله التام لكل ما كان ينزل من القرآن الكريم فعن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه كما في صحيح الإمام البخارى كنت ساقي القوم الخمر بمنزل أبي طلحة رضي الله عنه حيث كان هو زوج أمه أم سليم رضي الله عنهم وذلك قبل تحريم شرب الخمر فلما نزل قول الله تعالى بتحريم الخمر مر مناد ينادى ألا إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة رضي الله عنه إخرج فإنظر ما هذا الصوت قال فخرجت فقلت هذا مناد ينادى ألا إن الخمر قد حرمت فقال لي إذهب فأهرقها فقال بعض القوم قتل قوم أى في أحد وهي في بطونهم وفي رواية قالوا يا رسول الله كيف بمن مات من أصحابنا وكان شربها فأنزل الله تعالى قوله في سورة المائدة لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا أى لأن ذلك كان قبل تحريمها مطلقا وفضلا عن ذلك فقد كان أبو طلحة رضي الله عنه من رواة الحديث النبوى الشريف وروى عنه ربيبه أنس بن مالك وعبد الله بن عباس وأبو الحباب سعيد بن يسار رضي الله عنهم جميعا وغيرهم وكان مما رواه أبو طلحة الأنصارى رضي الله عنه مانقله عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى في وجهه فقلنا إنا لنرى البشرى في وجهك فقال إنه أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا وعن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصحابي أبي طلحة الأنصارى رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ قومك السلام فإنهم ما علمت أعفة صبر وروى أنس رضي الله عنه أيضا عن أبي طلحة الأنصارى رضي الله عنه قال رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته من النعاس فذلك قوله ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا وأخبر عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة الأنصارى رضي الله عنه يعوده قال فوجدت عنده سهل بن حنيف قال فدعا أبو طلحة إنسانا ينزع نمطا تحته فقال له سهل لم تنزعه فقال لأن فيه تصاوير وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما قد علمت قال سهل أو لم يقل إلا ما كان رقما في ثوب فقال بلى ولكنه أطيب لنفسي وعن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه قال قال أبو طلحة كنا قعودا بالأفنية نتحدث فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فقال ما لكم ولمجالس الصعدات إجتنبوا مجالس الصعدات فقلنا إنما قعدنا لغير ما بأس قعدنا نتذاكر ونتحدث قال إما لا فأدوا حقها غض البصر ورد السلام وحسن الكلام وأخبر المحدث التابعي إبن شهاب الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول سمعت أبا طلحة الأنصارى رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل .
وفي ميدان الجهاد كان للصحابي أبي طلحة الأنصارى رضي الله عنه دور كبير فقد حضر بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان عام 2 هجرية وأبلى فيها بلاءا حسنا وبعدها حضر أحد في شهر شوال عام 3 هجرية ولما إنكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفذ إليه المشركون من كل جانب فكسروا رَباعيته وشجوا جبينه وجرحوا شفته وأسالوا الدم على وجهه الكريم إنتصب أبو طلحة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم كالجبل الراسخ ووقف عليه الصلاة والسلام خلفه يتترس به وأخذ أبو طلحة يرمي سهامه على جنود المشركين واحدا بعد الآخر وما زال أبو طلحة رضي الله عنه ينافح عن رسول الله حتى كسر ثلاث أقواس وقتل عددا من جند المشركين وعن أنس بن مالك قال كان أبو طلحة يجثو بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب ويقول نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوفاء ثم ينشر كنانته بين يديه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصوت أبي طلحة في الجيش خير من مائة رجل وروى حميد عن أنس قال كان أبو طلحة بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه من خلف أبي طلحة رضي الله عنه ليرى مواقع النبل قال وكان أبو طلحة يتطاول بصدره يقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول نحرى دون نحرك يا نبي الله وفي شهر المحرم عام 7 هجرية حضر أبو طلحة رضي الله عنه غزوة خيبر وأبلى فيها بلاءا حسنا وعند الإنصراف من خيبر يقول أنس بن مالك رضي الله عنه أقبلنا مع رسول اللَّه أنا وأبو طلحةَ وكانت السيدة أم المؤمنين صفية رضي الله عنها رديفته على ناقته وبينما نحن نسير عثرت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرع وصرعت المرأة فنزل أبو طلحة سريعا عن راحلته وأتى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا وقال له يا نبي الله هل ضارك شئ قال لا عليك بالمرأة قال فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه ثم قصد المرأة فنبذ الثوب عليها فقامت فشدها على راحلته فركب وركبنا نسير حتى إذا أشرفنا على المدينة المنورة قال النبي صلى الله عليه وسلم آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون فلم نزل نقولها حتى قدمنا المدينة وفي شهر رمضان عام 8 هجرية شهد الصحابي أبو طلحة الأنصارى رضي الله عنه فتح مكة وفي الشهر التالي شوال عام 8 هجرية شهد أبو طلحة غزوة حنين وكان ممن ثبتوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقال للنبي يومها يا رسول الله أليس من قتل قتيلا فله سلبه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نعم فقتل أبو طلحة يومئذ 20 مشركا فأخذ أسلابهم ومما يذكر أن زوجته أم سليم قد شهدت يوم حنين مع زوجها وهي حامل بإبنهما عبد الله وكان معها خنجر ربطته حول وسطها فقال أبو طلحة للنبي يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر فقالت يا رسول الله أتخذه إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن .
ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما بدأ أبو عبيدة بن الجراح يحفر قبره كان يحفر كحفر أهل مكة وكان الصحابي أبو طلحة الأنصارى هو من يحفر لأهل المدينة فكان يلحد فدعا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم رجلين فقال لأحدهما إذهب إلى أبي عبيدة بن الجراح وقال للآخر إذهب إلى أَبي طَلحة فجاء أبو طلحة رضي الله عنه مسرعا فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه شارك ابو طلحة رضي الله عنه في فتوحات بلاد فارس مع الصحابي الجليل وأحد العشرة المبشرين بالجنة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وبعد ان طعن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أواخر شهر ذى الحجة عام 23 هجرية وألح عليه الصحابة أن يستخلف عليهم أحدا من كبار الصحابة الكرام رضي الله عنهم أبى وقال لا أحملها أى المسؤولية مرتين مرة وأنا خليفة ومرة بإستخلافي لرجل من الصحابة الكرام رضي الله عنهم فلما ألحوا عليه قام بإختيار عدد ستة من كبار الصحابة وضمن العشرة المبشرين بالجنة وهم عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بين عبيد الله رضي الله عنهم جميعا وذلك لكي يختاروا من بينهم الخليفة الجديد أرسل عمر لأبي طلحة قبل أن يموت بساعة وقال له يا أبا طلحة كن في خمسين من قومك من الأَنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى فإنهم سيجتمعون في بيت أمهم عائشة رضي الله عنها فقم على بابه بأصحابك ولا تترك أحدا يدخل عليهم ولا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم اللهم أَنت خليفتي عليهِم يا أَبا طلحة إن الله عز وجل طالما أعز الإسلام بكم وقال للمقداد بن عمرو إِذا وضعتموني في حفرتي فإجمع هؤلاء الرهط في بيت أمهم عائشة لكي يختاروا رجلا منهم وقال لصهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه صل بالناس ثلاثة أيام وتابع قوله لأبي طلحة أحضر عبد الله بن عمر مع هؤلاء الرهط كشاهد على إجتماعهم ولا شئ له من الأمر وقم على رؤوسهم فإن إجتمع خمسة وإرتضوا رجلا وأبى واحد إضرب رأسه بالسيف وإن إتفق أربعة وإرتضوا رجلا منهم وأبى إثنان فإضرب رأسيهما فإن إرتضى ثلاثة رجلا منهم وإرتضى الثلاثة الآخرون رجلا آخر فحكموا عبد الله بن عمر فأى الفريقين حكم له فليكن الخليقة من إختاره الفريق الذى حكم له فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف وإقتلوا الباقين إن رغبوا فيما إجتمع عليه الناس وبالفعل نفذ أبو طلحة رضي الله عنه أمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وظل يحرس إجتماع هؤلاء الرهط من الرجال حتى تم بحمد الله إختيار الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه خليفة للمسلمين وفي عهده رضي الله عنه لما عزم المسلمون على أن يغزوا في البحر بعد بناء أول أسطول بحرى إسلامي بعد موافقة الخليفة أخذ أبو طلحة رضي الله عنه يجهز نفسه للخروج مع المسلمين فقال له أبناؤه يرحمك الله يا أبانا لقد صرت شيخا كبيرا حيث كان قد شارف السبعين عاما من عمره وقد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفتيه الراشدين الأول والثاني أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فهلا ركنت إلى الراحة وتركتنا نغزو عنك فأبى وقال إن الله عز وجل يقول في سورة التوبة انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً فهو قد إستنفرنا جميعا شيوخا وشبابا ثم أبى إلا الخروج مجاهدا في سبيل الله فمات غازيا في البحر فعن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه قال مات الصحابي أبو طلحة الأنصارى رضي الله عنه غازيا في البحر فما وجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام ولم يتغير رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وجزاه عنا وعن الإسلام خير الجزاء . َ
|