الاثنين, 14 يوليو 2025

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أسعد بن زرارة

 أسعد بن زرارة
عدد : 12-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"



أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأنصارى الخزرجي النجارى رضي الله عنه والمكنى بأبي أمامة رضي الله عنه صحابي جليل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ويعد أول من أسلم من الأنصار وكان واحدا من رجال الأنصار الذين إمتلأت قلوبهم بالإيمان وعرف عنهم الصبر والشجاعة وقوة الإيمان ومن الشخصيات الذين يشهد تاريخ الإسلام لهم بأنهم أخلصوا لله الواحد القهار ولدينهم وعاشوا وخلدهم إيمانهم ومواقفهم القوية دفاعا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها ومن ثم فقد تركت هذه الشخصيات أثرا كبيرا محفوظا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق ففاحت عطور فضائلهم وأعمالهم الصالحة وعبقت في ديار الإسلام حيث إجتمعت فيه العديد من صفات البر والصلاح والزهد والعبادة والورع والتقوى وإمتاز بالكرم والجود والسخاء والعفو والتسامح وسار في درب السعداء وهو أحد رجال بني النجار الأفاضل وكان يلقب بنقيب بني النجار وهم بطن من بطون قبيلة الخزرج وهم أخوال عبد الله بن عبد المطلب والد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهم من خير قبائل الأنصار حيث ورد في صحيح الإمام البخارى في باب فضل دور الأنصار عن أبي أسيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير وكان من أشهر الصحابة من بني النجار غير الصحابي أسعد بن زرارة رضي الله عنه الصحابة أبو أيوب الأنصارى رضي الله عنه والصحابي حسان بن ثابت الخزرجي شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه والصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه حيث يرجع نسبه إلى عدى بن النجار عن طريق أمه الصحابية الأنصارية أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها وكان أبوه زرارة بن عدس من أكابر ووجوه قبيلة الخزرج وليس لدينا معلومات عنه أما أمه فهي السيدة سعاد بنت رافع والتي كانت من ضمن نساء الأنصار الفضليات اللائي أسلمن وبايعن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي وأختاها الفريعة أو الفارعة بنت رافع رضي الله عنها والسيدة كبشة بنت رافع رضي الله عنها أم سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه أى أن الصحابي الجليل أسعد بن زرارة رضي الله عنه والصحابي الجليل سعد بن معاذ كانا إبنا خالة وكانت السيدة سعاد بنت رافع رضي الله عنها من نساء قبيلة الأوس القليلات اللائي تزوجن من رجال من قبيلة الخزرج وكان للصحابي الجليل أسعد بن زرارة رضي الله عنه أخ هو الصحابي سعد بن زرارة رضي الله عنه وهو جد التابعية وراوية الحديث المولودة في المدينة المنورة عام 29 هجرية السيدة عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة رضي الله عنها والتي نشأت هي وأخواتها في حجر أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وسمعت منها الحديث النبوى الشريف وتفقهت على يديها حتى أصبحت ممن يطلبون لأخذ حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حتى أن الخليفة الأموى الثامن الملقب بالخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز حينما قرر أن يجمع الحديث في أواخر القرن الأول الهجرى ويدونه أمر قاضي المدينة وقتها إبن أختها أبي بكر بن حزم قائلا إنظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله علايه وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد فإكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله وكان ميلاد الصحابي الجليل أسعد بن زرارة رضي الله عنه في المدينة المنورة وغير معلوم لدينا بالتحديد تاريخ ميلاده مثله مثل الكثير من الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم وإن كان من المؤكد أنه كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ثم هجرته إلى المدينة المنورة وليس لدينا أيضا أى تفاصيل عن نشأته قبل دخوله في الإسلام إلا أنه كان من سادة وأكابر وأشراف قبيلة الخزرج .


وبعد أن بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة حدث أن خرج من المدينة المنورة الصحابيان أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس رضي الله عنهما إلى مكة المكرمة يتنافران إلى عتبة بن ربيعة أحد سادات وأكابر مكة فسمعا برسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته فأتياه فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن فأسلما ولم يقربا عتبة بن ربيعة وأسلم معهما أربعة رجال آخرين من أهل المدينة المنورة أراد الله بهم خيرا بعد أن عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه عليهم كما كان يفعل في كل موسم وكلمهم عن الإسلام وقرأ عليهم القرآن الكريم وكانت هناك ثلاثة قبائل من اليهود هي بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة تسكن معهم في بلادهم وهم أهل كتاب وعلم وكانوا هم أهل شرك ومن عباد الأوثان فكانوا إذا كان بينهم شئ قال اليهود لهم إن نبيا سيبعث الآن فقد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وثمود وفي ذلك أنزل الله قرآنا فيما بعد معاتبا اليهود الذين أبوا الإسلام وكذبوا النبي الذى ذكر عندهم في التوراة حيث قال تعالى في سورة البقرة وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ وكان يهود المدينة يصفون لعربها صفات النبي المنتظر فإذا بهم يجدونها تتطابق مع صفات هذا الرجل الذى يكلمهم ويدعوهم للإسلام فكان التوحيد فيهم مقبولا لتآلفهم مع ما يردده جيرانهم اليهود من كلام التوراة فلما كلم النبي صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم للإسلام قال بعضهم ليعض يا قوم تعلمون والله إنه للنبي الذى أخبرتكم به اليهود فلا يسبقونكم إليه ومن ثم أجابوه فيما دعاهم إليه وصدقوه وقبلوا منه ما عرضه عليهم وقالوا إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فعسي أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ونعرض عليهم الذى أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعز منك ثم إنصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عائدين إلى المدينة المنورة وقد أسلموا وآمنوا وصدقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فكانوا أول من قدم بالإسلام في المدينة وذكروا لقومهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإستجاب لهم العديد من أهل المدينة وكان الصحابي أسعد بن زرارة والصحابيان عمارة بن حزم وعوف بن عفراء لما أسلما أخذوا يدعون إلى الإسلام ويكسرون أصنام قومهم بني مالك بن النجار .


وفي العام الذى يليه قدم هؤلاء إلى الحج مع قومهم بالإضافة إلى ستة آخرين فكان عددهم 12 رجلا عشرة منهم من الخزرج على رأسهم الصحابة أسعد بن زرارة وعبادة بن الصامت وإثنان من الأوس هما عويم بن ساعدة ومالك بن التيهان فأسلموا وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام فكانت هذه بيعة العقبة الأولى وقال في ذلك الصحابي عبادة بن الصامت رضي الله عنه بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى على ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتيه ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصه في معروف فقال لنا إن وفيتم فلكم الجنة وبعث النبي صلى الله عليه وسلم معهم أول سفير في الإسلام الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه معهم يقرئهم القرآن الكريم ويعلمهم فرائض الإسلام وتعاليمه ويؤمهم في الصلاة وإستضافه الصحابي أسعد بن زرارة في داره وفضلا عن تعليم مصعب أهل المدينة الإسلام وفرائضه كان أيضا يدعو إلى الإسلام في المدينة المنورة وإستجاب له الكثير من أهل المدينة ويذكر التاريخ الإسلامي أنه كان للصحابيين أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير رضي الله عنهما دور كبير في نشر الإسلام في المدينة قذات يوم ذهب أسعد بن زرارة ومعه مصعب بن عمير إلى بستان من بساتين بني عبد الأشهل أحد بطون قبيلة الأوس فجلسا فيه وإجتمع حولهما عدد من الذين أسلموا فرآهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وهما يومئذ سيدا بني عبد الأشهل ومن سادة الأوس أيضا فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير لا أبا لك إنطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فإزجرهما وإنههما عن أن يأتيا دارنا فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت لكفيتك ذلك فهو إبن خالتي ولا أجد عليه مقدما فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما فلما رآه أسعد رضي الله عنه قال لمصعب بن عمير رضي الله عنه هذا سيد قومه قد جاءك فإصدق الله فيه فقال مصعب إن يجلس أكلمه فوقف عليهما متشمتا فقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا إعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره فقال أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق فقام وإغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم قام فصلى ركعتين ثم قال لهما إن ورائي رجلا إن إتبعكما ودخل في هذا الدين لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن وهو سعد بن معاذ ثم أخذ حربته وإنصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد مقبلا قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم وصدق سعد لقد ذهب أسيد من عنده بوجه كافر وعاد إليه بوجه مؤمن وشتان بينهما فلما وقف أسيد على النادى قال له سعد ما فعلت قال كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت ثم لجأ أسيد إلى الحيلة لكي يجعل سعد يذهب لمصعب وأسعد رضي الله عنهما فقال له لقد علمت أن بني حارثة وهم أحد بطون قبيلة الأوس قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم قد عرفوا أنه إبن خالتك ليخفروك أى لكي يهينوك ولما سمع سعد بن معاذ هذا الكلام من أسيد قام مغضبا مبادرا تخوفا للذى ذكر له من بني حارثة وأخذ حربته ثم قال والله ما أراك أغنيت شيئا .


وخرج سعد إلى مصعب وأسعد فلما وصل عندهما لم يجد أحدا من بني حارثة معهما بل وجدهما جالسين مطمئنين من غير أى مشاكل فعرف أن أسيدا إنما أراد أن يسمع منهما ولم يجد بدا من أن يجلس معهما لكي يطردهما بنفسه فوقف عليهما متشمتا ثم قال لأسعد بن زرارة يا أبا أمامة والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارنا بما نكره فقال أسعد بن زرارة رضي الله عنه لمصعب بن عمير رضي الله عنه أى مصعب جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم إثنان فقال مصعب لسعد أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا أو رغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره فقال سعد أنصفت ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال لهما كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين قالا تغتسل فتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين وبذلك كان إسلام الصحابيين سعد بن معاذ وأسيد بن حضير رضي الله عنهما علي يد الصحابيين مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة رضي الله عنهما ولما أسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه وعاد إلى نادى قومه قالوا مثلما قال سعد بن معاذ عن أسيد بن حضير نحلف بالله لقد جاء سعد بغير الوجه الذى ذهب به من عندنا ووقف سعد رضي الله عنه على قومه فقال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمرى فيكم قالوا سيدنا فضلا وأيمننا نقيبة قال فإن كلامكم علي حرام رجالكم ونساؤكم وأبناؤكم حتى تؤمنوا بالله الواحد الأحد ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فأسلم معظم بنو عبد الأشهل ثم باقي قبيلتي الأوس والخزرج حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون ويروى أن قريشا سمعت هاتفا على جبل أبي قبيس يقول فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف المخالف فقال أبو سفيان بن حرب من السعدان سعد بكر وسعد تميم فسمعوا في الليل الهاتف يقول أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا على الله في الفردوس منية عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى جنان من الفردوس ذات رفارف فقال أبو سفيان بن حرب هما والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة هذا وبإسلام سعد بن معاذ رضي الله عنه أيضا إنتقل سفير الإسلام الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى دار سيد الأوس الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه ليكون هو المركز الذى يشع منه نور الإسلام على المدينة المنورة .


وفي العام التالي الثاني عشر قبل الهجرة وفي موسم الحج وفد مصعب بن عمير رضي الله عنه مع عدد 73 رجلا وإمرأتين من الأنصار كان منهم عدد 62 رجلا والإمرأتين من الخزرج على رأسهم الصحابة أسعد بن زرارة وسعد بن عبادة وأبو أيوب الأنصارى وسعد بن الربيع وعبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنهم جميعا بالإضافة إلى عدد 11 رجلا من الأوس كان على رأسهم أسيد بن حضير وسعد بن خيثمة وأبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنهم جميعا وواعد هذا الوفد النبي صلى الله عليه وسلم بشعب العقبة فإجتمعوا عليه فرادى أو كل إثنين معا حتى لا تنتبه قريش ولما إكتمل عددهم قالوا يا رسول الله نبايعك قال تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة فقاموا إليه فبايعوه وأخذ بيده أسعد بن زرارة فقال رويدا يا أهل يثرب فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خبيئة فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله فقالوا أمط عنا يا أسعد فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا ولا نسلبها أبدا ولم يكن أسعد في مقولته هذه معترضا على البيعة بل كان هدفه أن يبين لباقي وفد الأنصار ما سوف يترتب على تلك البيعة من معاداة قريش والكثير من قبائل العرب لأهل المدينة من الأوس والخزرج حتى يكونوا على بينة لما سوف يتعرضون له وبعد تمام البيعة قال النبي صلى الله عليه وسلم لوفد يثرب أخرجوا إلي منكم إثني عشر نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم إثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وهم أسعد بن زرارة وسعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة ورافع بن مالك والبراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حرام وعبادة بن الصامت وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وثلاثة من الأوس وهم أسيد بن حضير وسعد بن خيثمة ورفاعة بن عبد المنذر وقال النبي للنقباء أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي وجعل أسعد بن زرارة نقيبا على هؤلاء النقباء فأصبح يلقب بنقيب النقباء وبهذه البيعة بدأت هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة .


ولما أذن الله عز وجل للنبي بالهجرة إلى المدينة وصحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه نزل أولا في قباء وأقام في بني عمرو بن عوف أربعة أو خمسة أيام أسس فيها مسجد قباء ثم هم بدخول المدينة المنورة فإعترض ناقته القصواء بنو سالم بن عوف ثم بني بياضة فبني ساعدة فبني الحارث بن الخزرج فأخواله بني عدى بن النجار يسألونه ويرجونه أن يقيم بين ظهرانيهم ويقولون هلم يا رسول الله إلى العدد والعدة والمنعة وسار الرسول وسط الجموع التي إضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة ومحبة وشوقا له وهو يعتذر ويقول متحدثا عن ناقته القصواء خلوا سبيلها فإنها مأمورة حتى مر ببني مالك بن النجار فبركت القصواء في موضع باب مسجده في الأرض الفضاء التي كان يمتلكها الفتيان اليتيمان سهل وسهيل إبنا رافع بن أبي عمرو بن عائذ وكانا في حجر وكفالة الصحابي الجليل أسعد بن زرارة رضي الله عنه ثم نهضت وطافت بالمكان ثم عادت إلى مبركها الأول وإستقرت في مكانها وكانت هذه الأرض في موضع في وسط المدينة المنورة وكانت تستغل كموقف للإبل ومحبسا لها وكان المسلمون الأوائل من الأنصار قبل الهجرة النبوية يجتمعون ويصلون الصلوات الخمس ويقرأون القرآن في جانب منها وكان يؤمهم الصحابي أسعد بن زرارة رضي الله عنه ثم من بعده كان الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه يصلي بهم فيها أيضا الصلوات الخمس ويعلمهم القرآن الكريم ولما بركت ناقة النبي نزل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فإحتمل الصحابي أبو أيوب الأنصارى رضي الله عنه رحله كأنما يحمل كنوزَ الدنيا كلها ومضى به إلى بيته وكانت داره أمام الموضع الذى بركت فيه الناقة فأدخله داره وأمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد النبوى الشريف بعد أن إشترى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الأرض التي بني عليها المسجد النبوى الشريف من صاحبيها سهل وسهيل إبني رافع بن أبي عمرو وأخذ الناس يتنافسون على إستضافة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم وقال لهم المرء مع رحله فكان أن نزل بدار الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه ووقف أهل المدينة المنورة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية وعلى فوزة بإستضافة الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ولم يعمر الصحابي الجليل أسعد بن زرارة بعد ذلك طويلا حيث توفي أثناء بناء المسجد النبوى الشريف يعد عدة أشهر من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة .


وكان الصحابي الجليل أسعد بن زرارة رضي الله عنه أول من مات من الصحابة بعد الهجرة وكان أول ميت صلّى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأول من يدفن بالبقيع وكان أسعد بن زرارة رضي الله عنه قبل وفاته قد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ببناته وكن ثلاثا وهن كبشة وحبيبة والفارعة فكن في عيال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرن معه في بيوت نسائه وعن زينب بنت نبيط بن جابر إمرأة الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه قالت أوصى أبو أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمي وخالتي وهما أم سليم وأم حرام إبنتا ملحان رضي الله عنهما وكانتا من محارمه حيث كانت بين أمه السيدة آمنة بنت وهب وبينهما صلة رضاعة فكانتا من خالاته فقدم عليه حلي فيها ذهب ولؤلؤ يقال له الرعاث فحلاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الرعاث وبعد وفاة أسعد بن زرارة رضي الله عنه إجتمع قومه من بني النجار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يجعل منهم شخصا مكانه نقيبا عليهم فقال لهم أنتم أخوالي وأنا فيكم وأنا نقيبكم وكره الرسول أن يخص بها بعضهم دون بعض رحم الله الصحابي الجليل أسعد بن زرارة وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وجزاه عنا وعن الإسلام خير الجزاء ولا يفوتنا هنا قبل أن ننهي مقالنا عن الصحابي أسعد بن زرارة رضي الله عنه أن نذكر نبذة عن أهم ملامح شخصيته لكي نتعلم منه الكثير من الدروس والعبر وأولى تلك الملامح سرعة إستجابته للحق ويتضح ذلك عندما عرض الرسول صلى الله عليه وسلم على النفر الذين وفدوا مكة المكرمة لكي يلتقوا بعتبة بن ربيعة فلقيهم النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن الكريم فأسلموا جميعا وكانت ثاني ملامح شخصية الصحابي الجليل أسعد بن زرارة إيجابيته في الدعوة للإسلام حيث كان يسعى مع الصحابي الجليل سفير النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير رضي الله عنه لنشر الإسلام في المدينة المنورة ويتضح ذلك من قصة إسلام الصحابيين الجليلين سيدى الأوس أسيد بن حضير وسعد بن معاذ رضي الله عنهما وأما ثالث ملامح شخصيته فكانت عمق فهمه وتقديره للبيعة عندما قصد شرح أبعاد هذه البيعة لوفد الأنصار خلال بيعة العقبة الثانية وما يمكن أن يتعرضوا له من عداوة قريش وسائر قبائل العرب المشركة مما قد يعرضهم ويعرض المدينة المنورة للخطر ومحاولة إقتحامها والقضاء على الإسلام والمسلمين حتى يكونوا على بصيرة وبينة وعلم بذلك .
 
 
الصور :