الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

سلمة بن الأكوع الأسلمي

سلمة بن الأكوع الأسلمي
عدد : 12-2023
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"


سلمة بن عمرو بن الأكوع وهو سنان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم الأسلمي وعرف بإسم سلمة بن الأكوع وهو يكنى أبا مسلم وقيل أبو إياس وقيل أبو عامر والأكثر أبو إياس الأسلمي رضي الله عنه صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينتمي إلى قبيلة أسلم والتي كانت ديارها قرب المدينة المنورة في وادى حجر وتنسب هذه القبيلة إلى أسلم بن أفصى الذى يعود نسبه إلى إلياس بن مضر بن نزار الجد الخامس عشر للنبي صلى الله عليه وسلم وحدث أن دخلوا في قبيلة خزاعة والتي تعد من أمهات القبائل في الجزيرة العربية وكانت لهم ولاية مكة المكرمة لمدة ثلاثمائة عام ما بين عام 160م وحتى عام 460م إلى أن نبغ قصي بن كلاب الجد الجد الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم وإنتزع حماية الكعبة منهم ومما يذكر أنهم سموا بخزاعة لأنهم إنخزعوا عن ولد عمرو بن عامر أيام سيل العرم حين أقبلوا من مأرب يريدون بلاد الشام فنزلوا بمر الظّهران وكانت منازلهم بقرب الأبواء بين مكة والمدينة ولذا فإن أكثر النسابة تعد قبيلة أسلم إخوة لقبيلة خزاعة هذا وكان من قبيلة أسلم العديد من الصحابة الكرام رضي الله عنهم غير سلمة بن الأكوع منهم الصحابة نضلة بن عبيد بن الحارث المعروف بأبي برزة الأسلمي وسلامة بن عمير الأسلمي والذى كان أول من إستشهد من المسلمين يوم غزوة أحد وعبد الله بن أبي أوفى وكان من نسله الشاعران العباسيان أبو علي محمد دعبل ومحمد بن علي أبو الشيص الخزاعيان وكان ميلاد الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه بديار قومه وغير معلوم لدينا تاريخ ميلاده بالتحديد مثله مثل الكثير من الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم جميعا وإن كان من المؤكد أنه كان قبل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ونشأ في ديار قومه وتعلم منذ الصغر الفروسية والرماية وأجادهما إجادة تامة وصار من أشجع الفرسان وأمهر الرماة كما أنه كان يتصف بأنه سريع العدو لدرجة أنه كان يسبق الخيل وقد وصفه العديد من المؤرخين وكتاب السيرة بأنه أعجوبة من أعاجيب الدهر فهو رام لا يخطئ أبدا وعداء لا يسبق ومقدام لا يهاب ومغامر لا تنتهي عجائب مغامراته وعندما نقرأ أخبار بطولاته يخيل إليك أنه درب من الخرافات والأساطير وما هي كذلك حيث أن ذلك حقيقة لا خيالا فقد رواها الشيخان البخارى ومسلم وأثبتاها في صحيحيهما وبعد البعثة النبوية إنتقل سلمة بن الأكوع إلى مكة وأقام بها وإمتلك بها أموالا وعقارا وعن إسلام الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع فقد كان على الأرجح بعد غزوة الخندق في أواخر عام 5 هجرية أو أوائل العام السادس الهجرى وهناك رواية متداولة عن قصة إسلامه لا نعلم مدى صحتها وإن كانت قد ذكرت في بعض الكتب والمؤلفات وملخصها أن سلمة بن الأكوع رأى ذئبا قد أخذ ظبيا فطلبه حتى نزعه منه فقال له الذئب ويحك مالي ولك عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك تنتزعه مني فقال سلمة أيا عباد الله إن هذا لعجب ذئب يتكلم فقال الذئب أعجب من هذا أن النبي في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلا عبادة الأوثان يقول سلمة فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة وبايعته على الإسلام على الرغم من أنه كان له في مكة أموال وعقار كما أسلفنا فخلف وراءه كل ما يملك وعمل في المدينة سائس لفرس طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وعموما فإن صحت هذه القصة فستكون من الكرامات والمعجزات فقد تكون إذن كرامة أكرم الله بها الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه كما حدث مع بعض الصحابة فكانت سبب إسلامهم وإكرامهم وقد تكون معجزة دالة على صدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى أنطق الله بنبوته السباع فأقرت برسالته ودعت الناس إلى الإيمان به ومما يذكر أن الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه في ذلك الوقت كان لم يكمل العشرين عاما من عمره .


وفي شهر شعبان عام 6 هجرية شهد الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه غزوة الغابة أو ذى قرد وهو شعب به ماء يقع قرب المدينة المنورة وكانت هذه الغزوة صورة من صور العداء القبلي للمسلمين فمنذ أن إصطفى الله رسوله الكريم من قريش ومضر كانت ما زالت العصبية القبلية الجاهلية تشتعل في قلوب جفاة العرب وأعرابهم من ربيعة وغطفان وغيرهما من القبائل العربية التي كانت تأمل أن تنال هذا الشرف لفهمها الخاطئ للنبوة التي هي محض إصطفاء وإختيار من الله عز وجل لذلك كانت هذه القبائل دائمة العداء والمجاهرة بالسوء للمسلمين ورسولهم وتكررت إعتداءاتهم على المسلمين وكانت هذه القبائل آخر العرب إسلاما ومنها من إرتد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتولي أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة وكانت غزوة الغابة أو ذى قرد بين عدد 500 إلى 700 من قوات المسلمين بقيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم طاردوا خلالها 40 راكبا كان على رأسهم سيد ذبيان عيينة بن حصن الفزارى وهو الملقب بالأحمق المطاع الذين أغاروا في خيل من غطفان على حدود المدينة في منطقة يقال لها الغابة أو ذى قرد ترعى فيها لقاح النبي صلى الله عليه وسلم أى حوامل الإبل ذات اللبن فوجد بها إبن للصحابي أبي ذر الغفارى رضي الله عنه وإمرأته وراعي الإبل فقتلوا راعي الإبل والغفارى وأخذوا إمرأته وقتلوا حارسها وإحتملوا إمرأته مع الإبل وفروا نحو أرض نجد فرأى ذلك غلام للصحابي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فدخل المدينة مسرعا ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك قبل أذان الفجر بوقت قصير فكان أول من صادفه الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فأخبره بالأمر فقام سلمة على جبل تجاه المدينة المنورة ونادى بأعلى صوته يا صباحاه ثلاث مرات فأسمع أهل المدينة كلهم ثم إنطلق وحده مسرعا خلف العدو ومعه سيفه ونبله وهم بالمئات وهو وحده على قدميه وكان أسرع العرب حتى أنه كان يسبق الخيل على قدميه كما أسلفنا حتى وصل خلف العدو وإرتجز قائلا أنا إبن الأكوع واليوم يوم الرضع وأخذ يرميهم بالسهام فإذا أرادوا الرجوع إليه فر هاربا بسرعة لا يدركه أحد وإذا عادوا عاد ورائهم بسرعة يرميهم بالسهام وصعد على ثنية جبل وهم يسقون إبلهم فرماهم بالحجارة فلقوا منه شدة ودخلهم خوف عظيم من هذا السبع الضارى حتى إنهم تخففوا من غنائمهم التي نهبوها فألقوا ثلاثين رمحا وثلاثين بردة حتى أمضوا في الهرب وظنوا أنهم قد نجوا منه فجلسوا يستريحون وكان الوقت ضحى فإذا بالسبع يطلع عليهم من رأس جبل فإرتاعوا لما رأوه وقال لهم عيينة بن حصن لولا أن هذا الرجل وراءه طلبا ما ترككم ليقم إليه نفر منكم فقام إليه أربعة رجال فقال لهم إبن الأكوع أتعرفونني أنا إبن الأكوع والذى كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني فخافوا منه ورجعوا عنه .


وعلى الطرف الآخر عندما نادى سلمة في أهل المدينة سمع النبي صراخه فترامت الخيول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنتهى إليه ثمانية فرسان منهم المقداد بن عمرو وأبو قتادة ومحرز بن نضلة الملقب بالأخرم وغيرهم رضي الله عنهم جميعا فأمر عليهم سعيد بن زيد رضي الله عنه وأمرهم باللحاق بالعدو على أن يلحق بهم النبي صلى الله عليه وسلم مع باقي الناس فإنطلقت كتيبة الفرسان حتى أدركوا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وهو يرمي الناس بالنبل فكان أول الفرسان وصولا للعدو الأخرم رضي الله عنه وعلى أثره أبو قتادة رضي الله عنه فارس الرسول صلى الله عليه وسلم فأخذ سلمة بن الأكوع بزمام فرس الأخرم وقال له يا أخرم إحذر القوم فإني أخاف أن يقتطعوك فإنتظر حتى يلحق بك الناس فقال الأخرم رضي الله عنه يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة فخليت فرسه فإنطلق فلقيه حبيب بن عيينة فقتله وكان قبل ذلك بيوم قد رأى رؤيا أن السماء قد إنفتحت حتى السماء السابعة وقيل له هذه منزلتك فقصها على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان أعبر الناس للرؤيا فقال له يا أخرم تموت شهيدا بإذن الله لذلك قال ما قال لسلمة ولحق أبو قتادة بحبيب بن عيينة فقتله وتلاحق الفرسان المسلمون فقتل الصحابي عكاشة بن محصن رضي الله عنه أوبارا الفزارى وولده عمرا بضربة رمح واحدة وهما على بعير واحد وتلاحق الناس مع النبي وإنطلق أبو قتادة في مقدمة الناس فإلتقى مع مسعدة الفزارى وكان أبو قتادة قد لقيه قبل ذلك في سوق المدينة وهو يشترى فرسه الذى يركب عليه فقال له مسعدة وهو مشرك ما هذا الفرس فقال أبو قتادة فرس أردت أن أربطها مع رسول الله فقال مسعدة ما أهون قتلكم وأشد جرأتكم فقال أبو قتادة أما إني أسأل الله أن ألقينك وأنا عليها فقال مسعدة آمين فإلتقى أبو قتادة مع مسعدة بالفعل هاهنا فقتله أبو قتادة بيديه ووضع عليه بردة حتى يعرف الناس أنه قتيله فلما تلاحق الناس ورأوه إسترجعوا وظنوا أنه أبو قتادة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بأبي قتادة ولكنه قتيل لأبي قتادة ووضع عليه بردة لتعرفوا أنه صاحبه ودعا له النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقال اللهم بارك له في شعره وبشره ونفله سلاح وفرس مسعدة وقال له ‬بارك الله لك فيه ولاحظ النبي أن هناك جرح في وجه أبي قتادة فقال له ‬فما هو الذى‮ ‬بوجهك ‬فقال ‬سهم رميت به‮ ‬قال‮ فإدن مني ‬فبصق عليه‮ فشفي الجرح ‬بإذن الله فما آلمه ولا فسد مكانه وتكامل الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم ونزلوا على ذى قرد فمكثوا فيها يوما وليلة وجاء سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لو سرحتني في مائة رجل لإستنفذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ملكت فأسجح إنهم الآن ليغبقون في غطفان أى يتعشون وعاد النبي مع القوم إلى المدينة المنورة وقال في هذه المعركة وسام تكريم لبطلي المعركة خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة بن الأكوع وأعطى سلمة رضي الله عنه سهم الفارس والراجل جميعا تقديرا لجهده وبذله فقد قام بمهمة الفرسان والمشاة في وقت واحد وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أردفه خلفه على بعيره عند الدخول للمدينة المنورة تكريما له .


وبعد هذه الغزوة بأشهر قليلة شهد الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه بيعة الرضوان وصلح الحديبية في شهر ذي القعدة عام 6 هجرية ويقول عن ذلك سلمة رضي الله عنه بينما كنا في الحديبية بعد أن خرجنا من المدينة قاصدين مكة لأداء العمرة فمنعتنا قريش وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه ليخبرهم أننا لم نأتي لقتال بل لأداء العمرة فسرت شائعة أنه قتل فبينما ونحن قائلون نادى مناد أيها الناس البيعة البيعة فسرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعناه فذلك قول الله عز وجل لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فقال التابعي والمحدث الثقة يزيد بن عبيد وكان مولى لسلمة بن الأكوع على أى شئ بايعتم رسول الله يوم الحديبية قال على الموت حيث كانت البيعة على قتال قريش ثأرا لعثمان رضي الله عنه وفي صحبح مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه بايع ثلاث مرات في أوائل الناس وفي وسطهم وفي أواخرهم وفي ذلك قال بايعته أول الناس وبدأ المسلمون يبايعونه حتى إذا بلغ نصف الناس إلتفت إلي وقال بايع يا سلمة فقلت قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس فبايعته الثانية وعند ذلك رأني عليه الصلاة والسلام أعزل من السلاح فأعطاني ترسا أحتمي به وتابع الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه في رواية ما جرى بالقول ثم جعل المسلمون يبايعونه حتى إذا بلغ أخر الناس إلتفت إلي وقال ألا تبايعني يا سلمة فقلت قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي وسطهم فبايعته الثالثة ثم نظر إلى يدى وقال أين الترس الذى أعطتيك فقلت يا رسول الله لقيني عمي عامر فوجدته أعزل فأعطيته إياه فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تبين بعد ذلك أن خبر مقتل عثمان إشاعة كاذبة ثم كانت مفاوضات قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم والتي إنتهت بتوقيع صلح الحديبية وعلى أن تكون هناك هدنة بين الطرفين لمدة 10 سنوات وأن يعود المسلمون إلى المدينة المنورة ويأتون في العام المقبل وسوف تخلى لهم قريش مكة لمدة 3 أيام يؤدون خلالها العمرة وإنصرف المسلمون إلى المدينة وأثناء العودة أتى سلمة رضي الله عنه شجرة فكسح شوكها وإضطجع في أصلها فأتاه أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضهم فتحول إلى شجرة أخرى وعلقوا هم سلاحهم وإضطجعوا تحت الشجرة التي تركها وبينما هم كذلك إذ نادى منادى من أسفل الوادى يا للمهاجرين قتل إبن زنيم فإخترط سيفه ثم شد على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذ سلاحهم وقال لهم والذى كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربته ثم جاء بهم يسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليهم وقال دعوهم وعفا عنهم وأنزل الله قوله تعالى في سورة الفتح هو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وبعد ذلك بشهرين وفي شهر المحرم عام 7 هجرية شهد الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه غزوة خيبر هو وعمه عامر بن الأكوع رضي الله عنه قال فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم تالله لولا الله ما إهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا ونحن عن فضلك ما إستغنينا فثبت الأقدام إن لاقينا وأنزلن سكينة علينا فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من هذا قال أنا عامر بن الأكوع فقال غفر لك ربك وأصيبت رجل سلمة رضي الله عنه في تلك الغزوة فمسح عليها النبي صلى الله عليه وسلم فبرأت على الفور وفي شهر ذى القعدة من العام نفسه شهد الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عمرة القضاء ثم فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية ثم غزوة حنين في شهر شوال عام 8 هجرية وكان ممن ثبتوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لما إنكشف المسلمون وتفرقوا في بداية الغزوة وكادت أن تحل بهم الهزيمة ويقول شاهدت النبي صلى الله عليه وسلم يقبض قبضة من تراب من الأرض ثم إستقبل بها وجوه المشركين وقال شاهت الوجوه أنا النبي لا كذب أنا إبن عبد المطلب فما خلف الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل ثم شهد حصار الطائف في شهر ذى القعدة عام 8 هجرية أيضا وأبلى في كل تلك المشاهد بلاءا حسنا وأخيرا شهد الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه غزوة تبوك أو غزوة العسرة في شهر رجب عام 9 هجرية والتي كانت آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته وفي أواخر العام العاشر الهجرى شهد حجة الوداع .‬‬‬‬


وكان الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قد إستأذن النبي صلى الله عليه وسلم لكي يعود إلى البادية وكان ذلك على الأرجح بعد فتح مكة حيث لا هجرة بعد الفتح وإنما عمل صالح ونية حيث زالت عوامل القلق والتوتر عن المجتمع المسلم وصار بإمكان أهل البادية العودة إليها إن شاؤوا خاصة إن كانوا قد تشربوا العلم وحملوه وتهذبت روحهم بخلق الإسلام وقيمه العالية وكان الإذن عاما من النبي صلى الله عليه وسلم لقبيلة أسلم فقد أمرهم بذلك وقال لهم تنسموا الرياح وإسكنوا الشعاب فقالوا إنا نخاف يا رسول الله أن يضرنا ذلك في هجرتنا فقال أنتم مهاجرون حيث كنتم وربما كان ذلك حفاظا على صحتهم وسلامة أبدانهم فبعض الأعراب كانت لا تناسبهم بيئة المدينة المنورة الزراعية وقد وقع مثل ذلك لبعض الأعراب قبل ذلك وهم العرنيون أصحاب القصة المشهورة وعلى هذا يدل أمره صلى الله عليه وسلم للقوم بأن يحصلوا على متنفسات واسعة وأن يسكنوا أماكن يستطيعون الحركة فيها وبالنسبة لسلمة بن الأكوع تحديدا فإنه كان يحتاج لمكان فيه مساحات للعدو والتريض لكن سلمة ظل ينزل المدينة المنورة ويعود للبادية بين فترة وأخرى وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين 12 من شهر ربيع الأول عام 11 هجرية لم تذكر لنا المصادر التاريخية أى تفاصيل عن سيرة الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه خلال عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم غير أنه كان ضمن الجيش الذى غزا أفريقية في عام 26 هجرية في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ضمن الجيش الذى قاده عبد الله بن سعد بن أبي السرح والي مصر آنذاك وسمي هذا الجيش بجيش العبادلة لكثرة من إسمهم عبد الله فيه مثل عبد الله بن سعد بن أبي السرح وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب وعبد الله بن الزبير بن العوام وعبد الله بن عمرو بن العاص وبعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه في أواخر عام 35 هجرية ووقوع الفتنة بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما إعتزل الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وجمع أهله وإرتحل بهم إلى الربذة والتي تقع في شرق المدينة المنورة وتبعد عنها قرابة 170 كم وكانت تعد إحدى محطات القوافل على درب زبيدة الممتد من العراق إلى مكة المكرمة وكان الصحابي أبو ذر الغفارى رضي الله عنه قد إرتحل إليها أيضا قبله واقام بها وتزوج سلمة بن الأكوع رضي الله عنه بالربذة إمرأة فولدت له أولادا وقبل أن يموت بليال نزل إلى المدينة المنورة وتوفي بها ودفن بالبقيع وكانت وفاته على الأرجح عام 74 هجرية في عهد الخليفة الأموى الخامس عبد الملك بن مروان وقد شارف التسعين عاما من عمره رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وجزاه عنا وعن الإسلام خير الجزاء .


وبعيدا عن ميدان الجهاد والغزو في سبيل الله كان الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه شديد القرب من النبي صلى الله عليه وسلم وكانت له مكانة عند الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته العملية بعدما منحه الله حافظة عقل ليسمع ويعي ما يقوله الرسول وكان يتحرى ما كان يفعله ويقتدى به فمثلا كان سلمة رضي الله عنه يتحرى الصلاة في المسجد النبوى الشريف عند الأسطوانة المعروفة بأسطوانة المهاجرين فسئل يا أبا مسلم نراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها وذكر الفقيه الحافظ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي المعروف بإسم إبن حجر العسقلاني أن المهاجرين من قبيلة قريش كانوا يجتمعون عندها وروى عن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنها كانت تقول لو عرفها الناس لإضطربوا عليها بالسهام وإنها أسرتها إلى إبن السيدة أسماء أختها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه فكان يكثر الصلاة عندها وجاء ذات يوم عين للمشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما طعم إنسل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَ بالرجل إقتلوه قال فإبتدر القوم ولما كان سلمة رضي الله عنه يسبق الفرس شدا فسبقهم إليه فأخذ بزمام ناقته أو بخطامها ثم قتله فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه وعلاوة على ذلك فقد كان الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه من رواة الحديث النبوى الشريف وكان من الأحاديث التي نقلها سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن النبي بعث رجلا ينادى في الناس يوم عاشوراء إن من أكل فليتم أو فليصم ومن لم يأكل فلا يأكل وعنه أيضا قال كان الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر وكان به رمد فقال أنا أتخلف عن رسول الله فخرج علي فلحق بالنبي فلما كان مساء الليلة التي فتح حصن خيبر في صباحها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية أو قال ليأخذن الراية غدا رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله عليه فلما أصبح الصباح سأل النبي عن علي فقيل له إن بعينه رمد فأرسل من يأتي به وتفل في يده ومسح علي عينيه فبرأ من الرمد فأعطاه رسول الله الراية ففتح الله عليه . ‬‬‬‬‬‬‬‬