بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
ضرار بن الخطاب بن مرداس بن كثير بن عمرو بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر وهو المكنى بقريش بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهو من نسل نبي الله إسماعيل عليه السلام رضي الله عنه القرشي الفهرى صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يلتقي معه في الجد العاشر فهر بن مالك بن النضر وهو ينتسب إلى بني فهر بن مالك وهم بطن من بطون قريش تفرع منه عدة فروع منهم بنو الحارث بن فهر وبنو أسد بن فهر وبنو عوف بن فهر وبنو غالب بن فهر الجد التاسع للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبنو محارب بن فهر الجد السابع لضرار بن الخطاب وكان من أعلام بني فهر بن مالك بخلاف الصحابي ضرار ين الخطاب رضي الله عنه الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أحد السابقين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة والذى لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بأمين الأمة حيث قال إن لكل أمة أمين وأميننا هو أبو عبيدة بن الجراح وغير معلوم لنا بالتحديد مكان وتاريخ ميلاد الصحابي ضرار بن الخطاب رضي الله عنه وكان أبوه الخطاب بن مرداس أحد سادات قريش في الجاهلية وزعيم بني فهر في زمانه وكان يأخذ المرباع أى ربع غنيمة الحرب لقومه ونشأ ضرار في بيت من أغنى بيوت قريش وأشرفها وتعلم الفروسية وركوب الخيل منذ صغره حتى صار من فرسان قريش وشجعانهم وشعرائهم المطبوعين المجودين حتى قالوا عنه ضرار بن الخطاب فارس قريش وشاعرهم وقال عنه الشاعر والأديب القرشي الزبير بن بكار والذى كان من مشاهير العلماء والأدباء في العصر العباسي لم يكن في قريش أشعر منه ومن عبد الله بن الزبعرى القرشي السهمي لكنهم كانوا يقدمونه على إبن الزبعرى لأنه كان أقل منه سقطا وأحسن صنعة وكان أبوه الخطاب ممن شاركوا في حرب الفجار وهي إحدى حروب العرب في الجاهلية ووقعت بين قبائل كنانة ومنها قريش وبين قبائل قيس عيلان ومنها هوازن وغطفان وسليم وثقيف وسميت بالفجار لما إستحل فيه هذان الحيان من المحارم بينهم في الأشهر الحرم ولما قطعوا فيه من الصلات والأرحام بينهما وكانت بدايتها بسبب خلافات بين أفراد من الحيين على بعض المعاملات التجارية بسوق عكاظ تحولت إلي خصومة وعداء وقتال إستمر قرابة 10 سنوات من عام 43 قبل الهجرة حتى عام 33 قبل الهجرة وخلال أحد أيام تلك الحرب جهز الخطاب بن مرداس بن كثير جيش من قبائل كنانة ومنها قريش ضد قبائل هوازن وثقيف وأحلافهم وتمكن هو وعبد الله بن جدعان وخويلد بن أسد وكانا من كبار زعماء وسادة قريش في الجاهلية أيضا أن يهزموا قبائل هوازن وثقيف وخزاعة في وادى المغمس والذى يقع شمال شرق عرفات قرب مكة بعد قتال شرس إستمر عدة أيام وكان ضرار بن الخطاب في ذلك اليوم على بني محارب بن فهر وقد شاركت في القتال في هذا اليوم المشهود معظم بطون قريش مثل بني عبد المطلب وكان عليهم الزبير والعباس إبنا عبد المطلب عما النبي صلى الله عليه وسلم وبني أمية وكان عليهم حرب بن أمية والد أبي سفيان بن حرب وبني مخزوم وكان عليهم هشام بن المغيرة والد أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة وبني جمح وكان عليهم أمية بن خلف وبني نوفل بن عبد مناف وكان عليهم مطعم بن عدى بن نوفل وبني عدى وكان عليهم زيد بن عمرو بن نفيل عم عمر بن الخطاب وبني عامر وكان عليهم عمرو بن عبد شمس والد سهيل بن عمرو وبني الحارث بن فهر وكان عليهم عبد الله بن الجراح والد أبي عبيدة بن الجراح وبني سهم وكان عليهم العاص بن وائل والد عمرو بن العاص .
ولما بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى الإسلام في مكة المكرمة أعرض ضرار بن الخطاب عنها وكان من ألد أعدائها وكان ضرار هو من أسر سعد بن عبادة سيد قبيلة الخزرج رضي الله عنه بعد بيعة العقبة الثانية لما علمت قريش بإسلامه وبأمر البيعة وذلك بعد أن تمت البيعة سرا وأخذ الأنصار يستعدون للعودة إلى المدينة المنورة فكان أن علمت قريش بما كان من مبايعة الأنصار وإتفاقهم مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على الهجرة إلى المدينة حيث سيقفون معه ومن ورائه فجن جنون قريش فراحت تطارد الركب المسافر حتى أدرك ضرار من رجاله سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو والذى تمكن من الهرب إلا أن سعد قد وقع في أسره فأخذه المشركون وربطوا يديه إلى عنقه بشراك رحله وعادوا به إلى مكة حيث إحتشدوا حوله يضربونه وينزلون به ما شاؤوا من العذاب فكان هو الوحيد من الأنصار الذى أخذ نصيبا من الأذى والتعذيب الذى كانت قريش تنزله بالمسلمين في مكة المكرمة لكنهم إضطروا لتركه لما جاء جبير بن مطعم والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيدى المشركين حيث كان بينهما وبين سعد تجارة وجوار وكان ضرار آنذاك ضمن قائمة الشعراء الذين حاربوا الإسلام بالشعر والسيف وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة كاد ضرار بن الخطاب أن يفقد حياته حيث يروى أنه حين حضرت الوفاة الوليد بن المغيرة المخزومي وكان ذلك بعد الهجرة بحوالي ثلاثة أشهر دعا بنيه الثلاثة وهم هشام بن الوليد والوليد بن الوليد وخالد بن الوليد فقال لهم أى بني أوصيكم بثلاث ثأرات فلا تضيعوا فيهن دمي في خزاعة فلا تتركونها والله إني لأعلم أنهم منه براء ولكني أخشى أن تسبوا به بعد اليوم وثأرى هذا في ثقيف فلا تدعوه حتى تأخذوه منهت وهو صداق المرأة عند أبي أزيهر الدوسي فلا يفوتنكم فيه وكان أبو أزيهر قد زوجه بنتا ثم أمسكها عنه فلم يدخله عليها حتى مات وبالفعل تمكن هشام بن الوليد من قتل أزيهر فلما بلغ دوسا ذلك وثبوا على من كان فيهم من قريش فقتلوهم ولم ينج منهم سوى ضرار بن الخطاب الذى أجارته إمرأة من دوس إسمها أم غيلان ولما إنتصر المسلمون على المشركين في غزوة بدر نظم قصيدة يرد فيها على فخر الشعراء المسلمين بنصر بدر والتي لم يشهدها وبعد ذلك شهد ضرار بن الخطاب غزوة أحد في شهر شوال عام 3 هجرية في صفوف المشركين وكان ضمن الفرسان الذين كان يقودهم خالد بن الوليد الذى كان لم يدخل بعد في الإسلام وبعد إنتهاء المعركة بإنتصار قريش نتيجة مخالفة الرماة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بألا يتركوا مواقعهم مهما كانت نتيجة المعركة فإنكشف المسلمون ووقعت بهم الهزيمة نظم قصيدة أخرى يفخر من خلالها بإنتصار المشركين وبعد أن أسلم ولما إختلفت الأوس والخزرج فيما بعد فيمن كان أشجع في يوم أحد مر بهم ضرار بن الخطاب فقالوا هذا شهدها وهو عالم بها فأرسلوا إليه فتى منهم فسأله عن ذلك فقال لا أدرى ما أوسكم من خزرجكم ولكني زوجت يوم أحد منكم أحد عشر رجلا من الحور العين كناية عن أنه قتل في ذلك اليوم أحد عشر من جند المسلمين فكان مصيرهم الجنة ومما يذكر أنه كان منهم عمرو بن معاذ شقيق سعد بن معاذ رضي الله عنه سيد الأوس وكان ضرار في هذه المرحلة وقبل إسلامه يعتز إعتزازا عميقا بالعصبية القرشية حتى أنه نظر إلى الصراع بين المسلمين والمشركين على أنه حرب بين قبيلته قريش من جهة وبين الأنصار بقبيلتيهم من الأوس والخزرج من جهة أخرى ومن ثَم فكان يتصور أن نصر المسلمين في غزوة بدر إلى شجاعة وبسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام من المهاجرين القرشيين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ومولاه سالم وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وفي ذلك قال فإن تظفروا في يوم بدر فإنما بأحمد أمسى جدكم وهو ظافر يعد أبو بكر وحمزة فيهم ويدعى علي وسط من أنت ذاكر .
وبعد غزوة أحد شهد ضرار بن الخطاب غزوة الخندق أو الأحزاب في شهر شوال عام 5 هجرية في صفوف المشركين الذين فوجئوا بوجود الخندق الذى منعهم من إقتحام المدينة فأخذ المشركون يدورون حول الخندق غضابا يتحسسون نقطة ضعيفة لينحدروا منها نحو المدينة وأخذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين يرشقونهم بالنبل حتى لا يجترئوا على الإقتراب من الخندق ولا يستطيعوا أن يقتحموه أو يهيلوا عليه التراب ليبنوا به طريقا يمكنهم من العبور وكره بعض فرسان قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوى في ترقب لنتائج الحصار فإن ذلك لم يكن من شيمهم فقرروا أن يقتحموا الخندق بأى ثمن فكان ضرار بن الخطاب أحد فرسان قريش الذين حاولوا عبور الخندق هو وعمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب فتصدى لهم المسلمون وبارزوهم حتى قتل عمرو بن عبد ود على يد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهرب بقيتهم وبذلك فشل المشركون ولم يفلحوا في إقتحام الخندق ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي حاول المشركون فيها عبور الخندق حيث دامت محاولةُ عبور الخندق من جانب المشركين والكفاح المتواصل من المسلمين أياما ولما كان الخندق حائلا بين جيشي المسلمين والأحزاب لم يجر بينهما قتال مباشر وحرب داميةٌ بل إقتصروا على المراماة والمناضلة وفي هذه المراماة قتل رجال من الجيشين ستة من المسلمين وعشرة من المشركين كما قتل واحد أو إثنين منهم بالسيف ثم إنتهت الغزوة بتفرق الأحزاب وإنسحاب المشركين عائدين إلى مكة المكرمة بعدما صب عليها الله عز وجل من غضبه ما أوهن قواها وزلزل عزائمها فأرسل عليها ريحا صرصرا قلبت خيامها وقلبت قدورها وأطفأت نيرانها وقذفت وجوهها بالحصباء وسدت عيونها وخياشيمها بالتراب فقرر أبو سفيان بن حرب قائد المشركين الإنسحاب إلى مكة قائلا يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار قرار لقد هلكت رواحلنا وتخلى عنا يهود بني قريظة ولقينا من شدة الريح ما ترون فإرتحلوا إني مرتحل وبالفعل قام أبو سفيان إلى جمله ففك عقاله وجلس عليه ثم ضربه فوثب قائما وأخذ طريقه نحو مكة ومن وراءه جيش قريش وكذلك إنسحبت قبائل غطفان وحلفاؤها من قبائل نجد الذين كانوا ضمن جيش الأحزاب وبعد تفرق قبائل الأحزاب إنبرى شعراؤهم لتهوين إنهزامهم وكان منهم ضرار بن الخطاب الذى نظم قصيدة طويلة يهجو فيها المسلمين ويتوعد بغزوهم مرة أخرى كان مطلعها ومشفقة تظن بنا الظنونا وقد قدنا عرندسة طحونا كأن زهاءها أحد إذا ما بدت أركانه للناظرينا ترى الأبدان فيها مسبغات على الأبطال واليلب الحصينا فرد عليه الصحابي كعب بن مالك أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم بقصيدة قال فيها وسائلة تسائل ما لقينا ولو شهدت رأتنا صابرينا صبرنا لا نرى لله عدلا على ما نابنا متوكلينا وكان لنا النبي وزير صدق به نعلو البرية أجمعينا وفي يوم فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية وما أن من الله على المسلمين بفتح مكة حتى شرح الله صدر ضرار للإسلام فأعلن إسلامه وبايع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وشرع يمدح الرسول ويستجير به داعيا إياه إلى الرأفة والرحمة بقريش والتسامح معها والعفو عنها وعدم الثأر والإنتقام ممن آذوه وإستهزأوا به وحاولوا قتله وحاربوه وأخرجوه من البلد الحرام وأجبروه على الهجرة إلى المدينة المنورة وكان مما قاله يوم الفتح يا نبي الهدى إليك لجأ حي قريش ولات حين لجاء حين ضاقت عليهم سعة الأرض وعاداهم غله السماء وكان أيضا مما قاله لأبي بكر الصديق رضي الله عنه نحن كنا لقريش خيرا منكم أدخلناهم الجنة وأوردتموهم النار قاصدا أن من قتلتهم قريش من المسلمين في حروبها مع النبي صلى الله عليه وسلم مصيرهم جنة الخلد وملك لا يبلى أما من قتلهم المسلمون من مشركي قريش فإن مصيرهم والعياذ بالله جهنم وبئس المصير .
وبعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين 12 من شهر ربيع الأول عام 11 هجرية وبعد أن تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة ووقعت فتنة الردة ثبت ضرار بن الخطاب على الإسلام شأنه شأن أهل مكة ولما قرر الخليفة مواجهة الردة بكل أشكالها في شبه الجزيرة العربية إنضم ضرار بن الخطاب إلى جيش رفيقه وصديقه خالد بن الوليد رضي الله عنه الذى كلفه الخليفة أولا بمواجهة طليحة بن خويلد الأسدى في البزاخة ثم مواجهة مالك بن نويرة في البطاح ثم التوجه إلى اليمامة لقمع ردة بني حنيفة والتي كان يقودها مسيلمة الكذاب وقد تحقق النصر للمسلمين في كل تلك المواجهات وإنتهت بذلك الردة في شبه الجزيرة العربية وكلف الخليفة قائده خالد بن الوليد بالتوجه إلى أسفل العراق لكي يبدأ في فتح تلك البلاد من جنوبها على ألا يستفتح بمتكاره أى يترك من لا يريد المشاركة في جيش الفتح وأن يبدأ بالكاظمة وهي بالكويت حاليا ثم يأتي الأُبلة وهي الميناء الرئيسي للفرس وتقع على شط العرب عند إلتقاء نهرى دجلة والفرات وكانت تعد الميناء الرئيسي الذى يربط العراق ببلاد الهند ولذلك كانت تمثل أهمية إستراتيجية كبرى لدى الفرس وكانت تعليمات الخليفة لخالد أن يجعل نهر الفرات على يمينه وصحراء العرب على يساره ويسير بمحاذاة نهر الفرات وتكون وجهته الحيرة التي كانت تعد العاصمة الثانية للفرس وتقع بوسط بلاد العراق وعليه ألا يغامر بعبور نهر الفرات إلى أرض السواد التي تقع بين نهرى دجلة والفرات والتي تزخر بالمجارى والمسطحات المائية بما لا يلائم القتال فيها كما أنه في حالة لا قدر الله أراد جيش المسلمين الإنسحاب إلى الضفة الغربية لنهر الفرات سيكون ذلك في منتهى الصعوبة خاصة وأن الكثير من المسلمين كانوا لا يجيدون السباحة وعلى ذلك فقد يتعرضوا للغرق في نهر الفرات في حالة الإنسحاب وكان ضرار بن الخطاب رضي الله عنه ضمن القادة في جيش خالد بن الوليد والذى أرسل وهو في طريقه إلى العراق إلى هرمز حاكم العراق الفارسي يخيره بين الإسلام أو الجزية أو القتال فآثر هرمز القتال وأرسل إلى كسرى يطلب المدد فأمده كسرى بإمدادات كبيرة تحرك بها هرمز إلى الكاظمة حيث يعسكر جيش المسلمين وناور خالد بجيشه فتحرك إلى الحفير ليجد هرمز الكاظمة خاوية فلاحق هرمز جيش المسلمين إلى الحفير وسبقهم إليها ليعود خالد مجددا إلى الكاظمة وقد أراد خالد من ذلك إستغلال نقطة ضعف الجيش الفارسي وهي ثقل تسليحه مما يجعل أي تحرك للجيش مجهدا لأفراده وغضب هرمز لذلك وتحرك بجيشه نحو الكاظمة وعسكر بالقرب من موارد الماء ليمنع الماء عن المسلمين فأثار ذلك حماسة المسلمين وأمر هرمز رجاله بربط أنفسهم بالسلاسل حتى لا يفروا من أرض المعركة وليستميتوا في القتال وبدأت المعركة بالمبارزة حين طلب هرمز مبارزة خالد بن الوليد وإتفق مع بعض فرسانه أن يفتكوا بخالد إن خرج للمبارزة وعند تنفيذ خطتهم فطن القعقاع بن عمرو التميمي والذى يعد من أبرز قادة المسلمين في فتوح العراق والشام وكان بمثابة نائب القائد العام لجيش المسلمين في العراق للأمر وأدرك خالد وقتل خالد والقعقاعُ هرمز وفرسانه وبمقتل هرمز إضطربت صفوف الفرس فإستغل المسلمون الفرصة وأوقعوا بالفرس هزيمة كبيرة وإستطاع قباذ وأنوشجان قائدا جناحي الجيش الفارسي الفرار فأمر خالد بن الوليد المثنى بن حارثة الشيباني بمطاردة فلول الفرس فطاردهم المثنى حتى إنتهى إلى حصن أميرة ساسانية إسمها كامورزاد سماه العرب حصن المرأة فترك أخاه المعنى بن حارثة ليحاصره ثم واصل هو المطاردة ولما بلغت أنباء إنتصار المثنى رضي الله عنه للأميرة كامورزاد صالحته وتزوجت أخاه المعنى أما المثنى فقد واصل مطاردة فلول الفرس .
وبدأ خالد بن الوليد رضي الله عنه بعد هذه الجولة التحرك نحو الأبلة فإتفق مع سويد بن مقرن المزني أن يتحرك هو بنصف الجيش كانه متجه إلى الحيرة عن طريق الصحراء بينما يبقي سويد بنصف الجيش في طريقه نحو الأبلة وكان ذلك تحت عيون الفرس فتبعوا خالد نحو طريق الصحراء بمعداتهم الثقيلة وكان هدف خالد من هذه المناورة إجهاد وإرهاق الجيش الفارسي وأثناء الليل عاد خالد سريعا بنصف الجيش الذى كان في صحبته وعند الفجر كان الجيش مستعدا لمواجهة جيش الفرس الذى عاد مرة أخرى نحو الأبلة والجند في غاية الإرهاق وإنتصر المسلمون ودخلوا الأبلة وترك خالد بن الوليد رضي الله عنه حاميات عسكرية قوية تجاه الأبلة وعلى شط العرب وفي أسفل دجلة وعين سويد بن مقرن المزني رضي الله عنه حاكما عسكريا للمنطقة على أن يتمركز في الحفير في موقع خلفي ليحمي مؤخرة الجيش الإسلامي المتقدم وعلى أن يكون بمثابة مركز إنذار لتنبيه المسلمين بأى تحرك فارسي في المنطقة وإبلاغه بها أولا بأول وهو في طريقه لإنجاز مهمته وهي الوصول إلى الحيرة وفتحها وكانت الجولة القادمة لخالد من المفترض أن تكون إلى الولجة على نهر الفرات شمالي الأبلة لكن عيونه أخبروه بوجود حشد فارسي في المزار على نهر دجلة فكان لابد من ضرب هذا الحشد أولا قبل التوجه نحو الولجة فقرر خالد بن الوليد الإسراع بعبور شط العرب وأخذ طريق نهر دجلة وإتجه شمالا نحو المزار ونلاحظ هنا أن خالد بن الوليد قد خرج عن إستراتيجية الفتح التي رسمها له الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأخذ قراره بضرب جيش الفرس المتمركز في المزار دون الرجوع للخليفة والذى كان يمنحه هذه الصلاحية طبقا للموقف في ميادين القتال وكان خالد بن الوليد بفطنته وعبقريته العسكرية قد أدرك أنه لو أخذ طريق نهر الفرات كما أمره الخليفة أبو بكر الصديق دون ضرب جيش الفرس المتمركز في المزار فسوف يمثل ذلك تهديدا خطيرا لقاعدته في الأبلة ويعرض مؤخرته لتهديد الفرس ومن ثم إتخذ قراره على وجه السرعة وخرج عن الخط الإستراتيجي للفتح حيث بدون ذلك لن يستطيع أداء واجبه الأساسي الذى رسمه له الخليفة ومالا يتم به الواجب فهو واجب وفي شهر صفر عام 12 هجرية بدأت المعركة التي سماها المسلمون بوقعة المزار بالمبارزة حيث طلب قائد الفرس قارن بن قريانس من يبارزه فخرج له معقل بن الأعشى فقتل معقل قارن ثم بارز كل من عاصم بن عمرو التميمي وعدى بن حاتم الطائي قائدا ميمنة وميسرة المسلمين أنوشجان وقباذ فقتلهما عاصم وعدى رضي الله عنهما وإنتهت المعركة بإنتصار المسلمين وقتلوا من الفرس يومئذ ثلاثين ألفا وغرق منهم الكثير في نهر دجلة كما غنم المسلمون من المعركة الكثير وأمر خالد بن الوليد بسبي أبناء المقاتلين فيما أقر المزارعين على ما في أيديهم من الأرض الزراعية على أن يؤدوا الجزية عملا بوصية الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبعد المعركة أرسل خالد بن الوليد من يأتي له بأخبار الفرس فجاءته الأخبار بأن كسرى بعد الهزيمة في المزار قد قام بحشد الجيوش لقتال المسلمين فوافاه أول الجيوش بقيادة أندرزغر حاكم خراسان إلى عاصمته كتسفون فأرسله لقتال المسلمين وبعث في أثره جيشا آخر بقيادة بهمن جاذويه وسلك كل منهما طريقا غير الآخر حيث كان مسير أندرزغر نحو الولجة علي نهر الفرات وإنضم موالي الفرس من العرب من بني بكر بن وائل إلى جيشه وهنا أمر خالد جيشه بسرعة الإستعداد للرحيل لقتال جيش الفرس في الولجة ولم يأخذ طريق أرض السواد ما بين المزار والولجة إلي الغرب من المزار حتي لا يتعرض لخطر التطويق أو أن تضرب مؤخرته ولذا عاد من نفس الطريق الذى جاء منه فإتجه جنوبا نحو الأبلة وعبر شط العرب ثم أخذ طريق نهر الفرات مرة أخرى .
وعاين خالد أرض المعركة المرتقبة مع الفرس في الولجة ووجد أن الأرض مناسبة جدا لإتباع تكتيك الكمين وفي ليلة المعركة أمر خالد بن الوليد بسر بن أبي رهم الجهني وسعيد بن مرة العجلي بأن يسيرا بقوتين من الفرسان ويختبئا خلف التلال التي كانت في ظهر جيش الفرس وأن ينتظرا منه إشارته بالهجوم علي مجنبتي ومؤخرة الجيش الفارسي وقد دارت معركة الولجة أيضا في شهر صفر عام 12 هجرية وبدأت بالمبارزة فتقدم قائد جيش المسلمين خالد بن الوليد فبارزه رجل من الفرس وصفه الإمام الطبرى بأنه رجل بألف رجل فقتله خالد بن الوليد ثم بدأ القتال بهجوم المسلمين الذى إمتصه الفرس ثم بدأوا هجومهم المضاد وبدأ المسلمون في التراجع ببطء طبقا للخطة التي رسمها خالد والذى كان مدركا تمام الإدراك أنه كلما طال وقت صمود المسلمين أمام الفرس زاد ذلك من إرهاقهم وإنهاك قواهم ولما أحس أن خطته قد نضجت أطلق جناحي الكمين حيث أشار لقوات بسر وسعيد بمهاجمة جناحي جيش الفرس ومؤخرته وأطبق هو وجيشه على جيش الفرس من الأمام مطبقا تكتيك الكماشة لتنتهي المعركة بإنتصار ساحق للمسلمين وخسائر فادحة للفرس ومقتل أعداد كبيرة منهم والذين فر قائدهم أندرزغر نحو صحراء العرب والتي تاه فيها وعثر علي جثته في اليوم التالي للمعركة حيث كان قد مات جوعا وعطشا وإستمر خالد بن الوليد بعد ذلك في طريقه نحو الحيرة وخاض معركة شرسة في أليس شمالي الولجة وحقق فيها النصر على الفرس وحلفائهم من العرب النصارى والمشركين ثم واصل طريقه نحو أمغيشيا فوجد أهلها قد هجروها فإستمر في طريقه نحو الحيرة ووصل خالد بن الوليد رضي الله عنها إلى الحيرة فوجد فيها أربعة حصون الحصن الأول هو حصن القصر الأبيض وكان فيه إياس بن قبيصة والحصن الثاني هو حصن العبسيين وكان فيه عدى بن عدى بن المقتول والحصن الثالث حصن إبن مازن وكان فيه حيرى بن آكال والحصن الرابع حصن إبن بقيلة وكان فيه عمرو بن عبد المسيح وكان أكبر هؤلاء الأمراء وفي بعض الروايات أنه كان فد تجاوز الأعوام المائة وكان الأربعة المذكورين من النصارى وكانت هذه الحصون الأربعة من الشدة والمناعة ومن الناحية المعيشية بحيث أن أهلها يستطيعون أن يمكثوا فيها أياما وشهورا دون أن يكونوا بحاجة إلى الخروج منها وقد لجأ أهل الحيرة إلى تلك الحصون الأربعة وتحصنوا بها وذلك بعد أن تركهم الحاكم الفارسي للحيرة آزاذبة لمصيرهم وإنصرف بجيشه نحو كتسفون أو المدائن عاصمة الفرس الرئيسية وجعل قائد المسلمين خالد بن الوليد رضي الله عنه لنفسه قاعدة بعيدة عن الحصون الأربعة وأرسل مجموعة من أمهر قواده لحصار هذه الحصون حصارا شاملا فأرسل ضرار بن الأزور لحصار القصر الأبيض وضرار بن الخطاب الفهرى لحصار قصر العبسيين وضرار بن مقرن المزني وهو أحد الإخوة العشرة أولاد مقرن المزني لحصار قصر إبن مازن والمثتى بن حارثة الشيباني لحصار قصر إبن بقيلة .
وتقدم القادة الأربعة لحصار هذه الحصون وأرسل خالد بن الوليد إلى أهلها رسالةً تدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو القتال وأعطاهم مهلة يوما يبدأ الضرب بعده وبعد مرور المهلة بدأ المسلمون يرمون القصور بالأسهم والنبال فسمعوا أهل القصور يقولون عليكم بالخزازيف وكانت هذه الكلمة جديدة على المسلمين ولا يعرفون معناها ولكنهم إبتعدوا عن مرمى أهل هذه القصور ثم ظهرت الخزازيف وهي عبارة عن مقاليع ضخمة تقذف كرات من الخزف صنعت من الطين وأوقدت عليها النيران حتى أصبحت خزفا فهي تشبه قنابل أو أحجار ضخمة تقذف بالمقاليع على جيش المسلمين وكان من حسن تقدير المسلمين الإبتعاد عن مرمى هذه القصور فلم تصبهم هذه الخزازيف بشئ وكانت قوة الرمي عند المسلمين أقوى وأعظم فكانت سهامهم تصل إلى داخل هذه القصور فتصيب من بها من الناس ولا تفرق هذه الأسهم بين جندى وبين رجل غير مقاتل وبين راهب في معبد لأنها تسقط داخل القصور وعندما كثرت الإصابات خرج الرهبان من ديارهم وقالوا يا أهل القصور والله ما يقتلنا إلا أنتم فليس لكم إلا الإستسلام وبالفعل إجتمع أهل هذه القصور الأربعة على الإستسلام وكان أولهم إستسلاما أكبرهم سنا عمرو بن عبد المسيح وأرسل إلى خالد بن الوليد رسالة يخبره فيها برغبته في التفاوض معه على الجزية وخرج من كل حصن أميره فأرسل أمراء الحصار من المسلمين مع كل أمير من أمراء الحصون الأربعة رسولا ليوصله إلى خالد بن الوليد وظلوا هم على حصار الحصون لئلا يكون هناك خديعة للمسلمين من أهل هذه الحصون وقابل خالد بن الوليد كل أمير منهم على حدة ثم قابلهم مجتمعين وتحدث معهم وقال لهم ماذا تريدون فقالوا ما لنا بحربكم من حاجة ولكن ندفع الجزية فقال لهم والله إن الكفر لفلاة مضلة أى كالصحراء المتسعة التي يضل من يسير فيها فعجبا لكم كيف تستذلون بأعجمي وتتركون العربي وحزن خالد بن الوليد على عدم إسلامهم ووافق على الجزية وكان الأحب إليه أن يسلم هؤلاء القوم ويتركهم وحالهم ولكنهم أبوا أن يسلموا وأصروا على ما هم عليه من الكفر والضلال وتم تقدير الجزية بعد أن أخرج منها المسنين والنساء والأطفال وتم تقديرها 190 ألف درهم يدفعونها كل عام على أن يمنع المسلمون عنهم الأذى سواء من المسلمين أو من غيرهم فلو أن الروم أرادوا حرب أهل الحيرة فعلى المسلمين أن يدافعوا عنهم ويردوهم عنهم وإلا فلا جزية عليهم وذلك لأن الجزية مقابل الحماية وكتب لهم خالد عهدا بذلك وسمي بصلح الحيرة ووافق أهل هذه القصور الأربعة على ذلك وأعطوا خالد بن الوليد رضي الله عنه مائة وتسعين ألفا من الدراهم بعد أن جمعوها في حوالي شهر من أهل هذه القصور ممن يستطيعون القتال وجعل خالد مقر قيادته في الحيرة وإتخذها قاعدة له ينطلق منها إلى غيرها من الأماكن وبدأ أهل الحيرة يتعرفون على الإسلام والمسلمين ولمسوا فيهم الأمانة والنزاهة في المعاملات فكان لهذا الأمر أثر عظيم عليهم فإنتقل الكثير منهم من المجوسية ومن النصرانية إلى الإسلام وهكذا كان فتح سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه ومعه قادته الأبطال القعقاع بن عمرو وعاصم بن عمرو وعدى بن حاتم الطائي وضرار بن الأزور الأسدى وضرار بن الخطاب الفهرى وضرار بن مقرن المزتي والمثنى بن حارثة الشيباني لأعظم مدينة في جنوب بلاد العراق ومما يذكر أن كل الفتوحات التي أنجزها جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه بالعراق قد تمت في حوالي 3 شهور من شهر المحرم وحتى شهر ربيع الأول عام 12 هجرية . وفي الوقت الذى أنجز فيه خالد مهمته بفتح الحيرة إنتظر وصول عياض بن غنم الفهرى بجيشه وذلك لكي يستكملا معا الزحف نحو المدائن وكان الخليفة أبو بكر الصديق قد كلف عياض بأن يدخل العراق من شماله ويكون هدفه الحيرة مثل خالد وأن تكون القيادة العامة لمن يصل إليها أولا لكن ما حدث أنه عندما بدأ عياض تحركه ليدخل بلاد العراق من الشمال كما إقتضت خطة الخليفة كان عليه أن يفتح قلعة أو حصن دومة الجندل الذى يتحكم في الطرق التي تربط الشام بالعراق بشبه الجزيرة العربية حتي يؤمن ظهره قبل دخوله بلاد العراق وكان أهل هذا الحصن قد صالحوا المسلمين قبل ذلك في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العام التاسع الهجرى لكنهم نقضوا الصلح وكان لابد من إعادتهم إلى النفوذ الإسلامي ولما وصل عياض إلى حصن دومة الجندل وجد أهله من قبيلة كلب العربية التي كانت تدين بالنصرانية قد حصنوه تحصينا شديدا وتمركز عياض على الجهة الجنوبية من الحصن ونشأت حالة تعتبر هراءا من الناحية العسكرية فقد إعتبر العرب النصارى أنفسهم محاصرين رغم أن الطريق من جهة الشمال كان مفتوحا وحدث أن جاءت قبائل عربية أخرى منها تنوخ والضجاعم وبهراء وغسان وأحاطت بالمسلمين المحاصرين للحصن وحسب المؤرخين فقد كان كل من الطرفين محاصرا بكسر الصاد ومحاصرا بفتحها وإنحصرت العمليات القتالية بين الطرفين على رمي النبال والتراشق من جانب حامية الحصن وقد دامت تلك الحالة لعدة أسابيع حتى تعب الطرفان في نفس الوقت وعانوا من الأضرار والخسائر بنفس الحجم تقريبا وإتبع القائد المسلم عياض نصيحة أحد رجاله وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بالكتابة إلى خالد بن الوليد في العراق طلبا للمساعدة ففعل وشرح له الوضع القائم في دومة الجندل ولما وصلت هذه الرسالة إلى خالد تحرك في البداية شمالا وصحبه عدد من قادته كان منهم ضرار بن الخطاب ليؤمن الحيرة ففتح حصن الأنبار ثم إتجه نحو الجنوب الغربي نحو حصن في الصحراء يسمي عين التمر وذلك لكي يؤمن مؤخرته وهو في الطريق إلى دومة الجندل وكان خالد بن الوليد كقائد محنك دائما ما يؤمن تحركاته حتى لا يتعرض للحصار أو تضر ب مؤخرته أو مجنباته وإنطلق خالد نحو دومة الجندل ولما وصل خبر مسير خالد إلى دومة الجندل إجتمع زعماء القبائل الذين كانوا يساندون أهل الحصن لبحث كيفية مواجهة جيش المسلمين الذى يقوده خالد بن الوليد وكان أهل الحصن تحت قيادة أكيدر بن عبد الملك والجودى بن ربيعة ولما بلغهم دنو خالد إختلفا فرأى أكيدر مسالمة خالد وأبى الجودى ذلك فترك أكيدر الحصن وبلغ خالد ذلك فأرسل عاصم بن عمرو التميمي في طلب أكيدر فأسره وأتى به إلى خالد الذى أمر بضرب عنقه لردته عن الإسلام ونقضه عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولما بلغ خالد حصن دومة الجندل وجد القبائل التي إجتمعت لقتاله محيطة بالحصن الذى لم يسعهم فتحرك خالد وإتخذ وضعا بحيث جعل هذه القبائل محصورة بين قواته وبين قوات عياض بن غنم فإنقسموا إلى قسمين كل منهما يقاتل من يليه من المسلمين وفي النهاية كان النصر الحاسم للمسلمين وأسر الجودى بن ربيعة فضرب خالد عنقه وقتل المسلمون المقاتلين من أهل الحصن .
وأقام خالد بدومة الجندل لفترة ليرتب أوضاعه ثم عاد ومعه عياض وجيشه إلى الحيرة وإستكمل فتح حوض نهر الفرات حيث تم فتح الحصيد والخنافس والمصيخ والثني والزميل ثم كانت آخر معارك خالد وعياض في العراق معركة الفراض في شهر ذى القعدة عام 12 هجرية وهي بأقصي شمال العراق علي الحدود بينها وبين بلاد الشام وإنتصر فيها المسلمون على جيش كان خليطا من الفرس والبيزنطيين والعرب الموالين للفرس وبذلك أصبح حوض نهر الفرات وكل الأراضي غرب نهر دجلة في قبضة المسلمين وتحرك الجيش نحو الحيرة بينما ذهب خالد للحج وعاد مسرعا بعد أداء الفريضة ودخل الحيرة في الوقت الذى دخلها جيشه فلم يشعر أحد بغيابه وبدأ يعد العدة للهدف الأسمي وهو فتح المدائن لكنه فوجئ بخطاب من الخليفة أبي بكر يأمره بالتوجه إلى الشام ومعه نصف الجيش لنجدة الجيوش الإسلامية الأربعة المرابطة بأرض الشام بعد أن تحرج موقفها هناك بينما كانت الأوضاع مستقرة في جبهة العراق كما كان تقدير الخليفة أن الفرس لن يستطيعوا قبل عدة شهور حشد جيوشهم لقتال المسلمين نظرا لوقوع فتنة في البلاط الفارسي حيث كان قد توفي كسرى أردشير ملكهم دون أن يكون له وريث وإنشغل الكل في البلاط الملكي الفارسي في الصراع على الحكم ولم يجتمعوا على ملك يحكمهم فكان أن لبى خالد مسرعا أمر الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وترك الحيرة في شهر صفر عام 13 هجرية بعد أن إستخلف عليها عمرو بن حزم الأنصارى مع المثنى بن حارثة الشيباني وإصطحب معه نصف الجيش بالإضافة إلى دليله رافع بن عميرة الطائي وكان ممن إصطحبهم معه كوكبة من أمهر وأشجع فرسان المسلمين منهم القعقاع بن عمرو التميمي وضرار بن الخطاب الفهرى وضرار بن الأزور الأسدى وعياض بن غنم الفهرى رضي الله عنهم اجمعين ولما وصل خالد بن الوليد رضي الله عنه بجيشه إلى الشام أغار على سرح النصارى ثم سار فأتى مرج راهط فأغار على غسان ثم سار إلى بصرى فقاتل بها فظفر بهم وصالحهم فكانت بصرى أول مدينة فتحت بالشام على يد خالد وأهل العراق وبعث بعدها بالأخماس إلى الخليفة أبي بكر الصديق وكانت تلك المدينة بداية عهد المسلمين فى بلاد الشام وساروا منها إلى اليرموك حيث وقعت المعركة الشهيرة في شهر رجب عام 13 هجرية ووحد خالد بن الوليد رضي الله عنه جيوش المسلمين الأربعة تحت قيادته وعبأ جيش المسلمين فجعله ميمنة تحت قيادة عمرو بن العاص وميسرة تحت قيادة يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وقلب تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح وقسم كل منها إلى كراديس أى إلى كتائب كل كتيبة ألف مقاتل وكان على كل كردوس أمير وإنتهت المعركة بإنتصار المسلمين إنتصارا باهرا وفتح الطريق لفتح باقي مدن الشام وفي هذه الأثناء توفي الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وتولى الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذى أصدر أمرا بعزل خالد بن الوليد من القيادة العامة لجيش المسلمين وتولية أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه والذى إستكمل فتوحات بلاد الشام ومعه خالد بن الوليد وعياض بن غنم الفهرى ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة وضرار بن الأزور الأسدى وضرار بن الخطاب الفهرى .
وبعد معركة اليرموك بدأ الروم يجمعون قواهم في أحد حصونهم المنيعة في مدينة بيلا التي تقع على إرتفاع 150 متر تحت سطح البحر وتطل على غور الأردن على بعد حوالي 50 كم جنوبي نهر اليرموك وكان هذا التجمع للروم في تلك المنطقة يشكل خطرا محدقا على جيش المسلمين المتوغل شمالا نحو دمشق وحمص لأن أى هجوم يقوم به الروم شرقا سيؤدى إلى قطع خطوط الإمدادات من الجزيرة العربية فقرر أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه الذى كان قد تولى القيادة بدلا من خالد بن الوليد رضي الله عنه كما أسلفنا الإنسحاب جنوبا من وسط سوريا لتدارك الخطر في أغوار الأردن وإلتقى الجيشان قرب بيلا التي سار أبو عبيدة إليها وبعث خالد بن الوليد على المقدمة وعلى القلب شرحبيل بن حسنة وكان على المجنبتين أبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص وعلى الخيل ضرار بن الأزور وعلى الرجالة عياض بن غنم وكان أهل فحل قد قصدوا بيسان فنزل شرحبيل بجنده فحل وكان الروم قد قاموا بشق قنوات مائية من بحیرة طبریة وسلطوا میاهها على الأراضي المحیطة بالمدینة لمنع تقدم جیش المسـلمین فكانت بين جيش المسلمين وجيش الروم مياه وأوحال ولذا كانت العرب تسمي تلك الغزوة ذات الردغة وبيسان وفحل وفرض جیش شرحبیل بن حسـنة حصارا شدیدا على فحل وإستهدف حرمان الروم من إستغلال التحصینات المائیة التي أقاموها وكان لا يبيت ولا يصبح إلا على تعبئة ودار بين الطرفين قتال شديد طوال النهار وحتى أظلم الليل عليهم وتمكن جيش المسلمين من دفعِ قوات الروم نحو الغرب بإتجاه القنوات والمستنقعات المائية الدفاعية التي أقاموها وإنتهت المعركة بإنتصار المسلمين نصرا حاسما وأصيب قائد الروم وفر الجنود فلحقهم المسلمون وقتلوا الكثير منهم وسقط عدد كبير منهم في الطين والأوحال فوخزوهم بالرماح وهزم الروم شر هزيمة وكانوا ثمانون ألفا لم يفلت منهم إلا الشريد وأكرم الله المسلمين وهم كارهون فقد كرهوا المياه والطين والأوحال فكانت عونا لهم على عدوهم وغنموا أموالهم فإقتسموها وهكذا سیطر المسلمون بعد معركة فحل على بیسان وتلتها طبریة حيث كانت أنباء إنتصارات شرحبیل بن حسـنة رضي الله عنه قد بلغت أهل طبریة فتهیأوا للصلح وتركوا فكرة القتال أمامه ثم واصلت قواته تقدمها بإتجاه بقیة مدن الأردن لتحریرها من الروم وإضطر سكان تلك المدن إلى طلب الأمان وكتبت عهود الصلح في كل مكان بمنح الأمان لهؤلاء السكان على أرواحهم ودورهم وأموالهم وأراضيهم وكنائسهم ومعابدهم مقابل الجزية .
وعاد المسلمون من الأردن وإتجهوا نحو دمشق فأخذوا الغوطة وكنائسها عنوة وحاصر جيش المسلمين المدينة وتحصن أهلها داخل أسوارها وأغلقوا أبوابها وكان لديهم أمل بوصول نجدة من الشمال على وجه السرعة تفك الحصار عن المدينة ووزعت مهام الحصار بأن نزل أبو عبيدة على باب الجابية وخالد بن الوليد على الباب الشرقي ويزيد بن أبي سفيان على باب كيسان وعمرو بن العاص على باب الفراديس وشرحبيل بن حسنة على باب توما وعمد أبو عبيدة إلى عزل المدينة عمن حولها وقطع جميع إتصالاتها مع العالم الخارجي حتى يجبر حاميتها على الإستسلام فأرسل ثلاث فرق عسكرية تمركزت إحداها على سفح جبل قاسيون على مسافة خمسة كيلومترات إلى الشمال من المدينة عند قرية برزة والثانية على طريق حمص لكي يحول دون وصول الإمدادات من الشمال وقطع الإتصالات بينها وبين القيادة البيزنطية والأخيرة على الطريق بين دمشق وفلسطين لقطع طريق الجنوب وطال أمد الحصار على الدمشقيين والذى دام سبعين ليلة وقيل أربعة أشهر وكذلك ستة أشهر وإزداد التوتر بينهم وبخاصة بعد أن إنسحبت الحامية البيزنطية من مواقعها تاركةً للدمشقيين تدبير أمرهم بأنفسهم ولما يئسوا من وصول نجدة تنقذهم وتجلي المسلمين عن مدينتهم وهنت عزيمتهم ومالوا إلى الإستسلام وكان ذلك على الأرجح في منتصف عام 15 هجرية الموافق منتصف عام 636م وبعد هذه الإنتصارات المتتالية أصدر الخليفة الراسد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمره بصرف هاشم بن عتبة بن أبي وقاص رضي الله عنه من الشام ومعه ستة آلاف مقاتل كان من بينهم ضرار بن الخطاب الفهرى وتوجيهه إلى بلاد العراق حيث كانت معركة القادسية ضد الفرس على وشك أن تبدأ ووصلت مقدمة هذا المدد وقوامها ألف رجل وكان على رأسها القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنه وهو الذى قال عنه الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه إن صوته في المعركة بألف رجل إلى ميدان المعركة صبيحة اليوم الثاني للمعركة والذى عرف بيوم أغواث لأنه جاء فيه المدد من الشام وكان في ذلك غوث شديد للمسلمين وكان مع القعقاع ألف مقاتل قسمهم إلى عشر فرق وطلب منهم أن لا ينضموا لجيش المسلمين دفعة واحدة بل تنضم فرقة في البداية فيكبر ويهلل لها الجيش ثم تنضم الفرقة الثانية ويتكرر الأمر مع الفرق العشرة وكذلك إتفق مع هاشم بن عتبة على ذلك وذلك لكي يوهم الفرس بقدوم مدد ضخم لجيش المسلمين فتنخفض معنوياتهم ويدب الذعر والخوف في قلوبهم .
وكان اليوم الأول من المعركة والذى سمي بيوم أرماث قد تعرض فيه المسلمون لهجوم الفيلة مما كبد المسلمين خسائر كبيرة لكن إستطاع المسلمون التسلل تحت الفيلة وقطعوا أحزمتها التي كانت تربط التوابيت التي تحمل الجند فوق ظهورها وبذلك خرجت من المعركة ودارت المعركة سجالا باقي اليوم دون أن يحقق أى من الطرفين نتائج مؤثرة وقد بدأ اليوم الثاني يوم أغواث بالمبارزة بين القعقاع بن عمرو وبهمن جاذويه فقتله القعقاع فخرج له قائد آخر من قواد الفرس هو البيرزان فقتله القعقاع أيضا لترتفع الروح المعنوية للمسلمين ويلتحم الجيشان ولم تظهر الفيلة في هذا اليوم نظرا لتقطيع أحزمتها في اليوم السابق وكان من الضرورى عمل أحزمة جديدة لها ولجأ القعقاع إلى حيلة لكي يخيف بها خيل الفرس فألبس الجمال ثياب سوداء وبحيث لا يظهر منها سوى عيونها ففعلت في هذا اليوم في خيل الفرس مافعلته فيلة الفرس في خيل المسلمين في اليوم السابق وكان النصر حليفهم وسميت ليلة أغواث ليلة السواد وبدأ اليوم الثالث والذى سمى يوم عماس وكان من بطولات هذا اليوم قيام القعقاع بن عمرو رضي الله عنه بالإشتراك مع أخيه عاصم بن عمرو رضي الله عنه وكذلك قيام حمال بن مالك قائد المشاة بالإشتراك مع الربيل بن عمرو بمهاجمة الفيلين الأبيض والأجرب اللذين كانا يعدا قائدا الفيلة المقاتلة ورشق عيونهما بالرماح وقطع خراطيمهما مما أدى إلي إنسحاب سلاح الفيلة من المعركة نهائيا وقد إستمر القتال في هذا اليوم طوال الليل ولذلك تسمي هذه الليلة ليلة الهرير فلم يكن يسمع فيها صوت بين المسلمين والفرس سوى صوت الهرير ثم كان النصر الساحق للمسلمين علي جيش الفرس في صباح اليوم الرابع من المعركة والذى يسمي يوم النصر أو يوم القادسية والذى قتل فيه رستم قائد الفرس على يد هلال بن علفة التميمي بعد أن حاول الهرب وإستظل بظل بغل من بغال كانت قد قدمت من المدائن عليها حمولة أغذية لجند الفرس فضرب هلال حمل البغل الذى يختبأ تحته رستم فسقط عليه الحمل فأزاله رستم عن ظهره ثم ضربه هلال ضربة ففر نحو نهر العتيق وألقى نفسه فيه فإقتحمه هلال عليه وأخذ برجله ثم خرج به وضرب جبينه بالسيف حتى قتله وقطع رأسه ووقف يصيح قتلت رستم ورب الكعبة كما قنل أيضا في ذلك اليوم الجالينوس أحد قواده الباقين علي قيد الحياة على يد زهرة بن الحوية التميمي قائد مقدمة جيش المسلمين كما تم مقتل حوالي 40 ألف من جند الفرس وبالإضافة إلي ذلك فقد غنم المسلمون في معركة القادسية غنائم كثيرة لا تعد ولا تحصى كان من ضمنها رايةُ فارس الكبرى المصنوعة من جلد النمور والتي تسمي درفش كابيان والتي يبلغ طولها 12 ذراعا وعرضها 8 أذرع وكانت مرصعة بالياقوت واللؤلؤ وأنواع الجواهر وكان من إستولى عليها هو ضرار بن الخطاب رضي الله عنه وقطعت وأرسلت إلى الخليفة بالمدينة المنورة وعوض ضرار رضي الله عنه عنها بثلاثين ألف درهم وبعد هذا الإنتصار في القادسية إستمر زحف المسلمين نحو المدائن عاصمة الفرس وتم فتحها في شهر صفر عام 16 هجرية وفر منها آخر ملوك الفرس كسرى يزدجرد الثالث إلى مدينة حلوان بغرب إيران حاليا ودخل المسلمون قصره المعروف بإيوان كسرى والذى جعلوه مسجدا وصلوا فيه صلاة النصر .
وكان كسرى يزدجرد قد أخذ يجمع أفراد جيشه المنهزمين والذين فروا من القادسية ومن حلوان وتقدم قسم من الجيش الذى حشده يزدجرد إلى جلولاء وهي حصن يقع شمال المدائن أحاطوه بخندق وأحاطوا الخندق بحسك الحديد وهي عبارة عن مسامير تبرز من الأرض لإعاقة حركة المشاة والخيول إلا طرقهم فبلغ ذلك سعدا رضي الله عنه فأرسل إلى عمر فكتب اليه عمر رضي الله عنه أن سرح هاشم بن عتبة إلى جلولاء وإجعل على مقدمته القعقاع بن عمرو وإن هزم الله الفرس فإجعل القعقاع بين السواد والجبل وليكن الجند إثنى عشر الفا ففعل سعد ذلك وسار هاشم من المدائن في إثنى عشر الفا منهم وجوه المهاجرين والأنصار وأعلام العرب ممن كان إرتد أو لم يرتد كان منهم ضرار بن الخطاب الفهرى وجرير بن عبد الله البجلي وحاصر المسلمون الفرس فطاولهم الفرس وجعلوا لا يخرجون عليهم الا إذا أرادوا وزاحفهم المسلمون بجلولاء ثمانين زحفا فظفروا عليهم وغلبوهم على الحسك وجعل سعد رضي الله عنه يمد هاشما بالفرسان وأخيرا إقتتلوا فهزم أهل فارس وبعث الله عليهم ريحا أظلمت عليهم البلاد ثم عادوا فإقتتلوا قتالا شديدا وإنتهى القعقاع بن عمرو إلى باب الخندق وإستولى عليه وحمل عليهم المسلمون فهزموهم وقتل منهم نحو مائة ألف وكان فتح جلولاء في أوائل شهر ذي القعدة عام 16 للهجرة وبينها وبين المدائن تسعة أشهر وبعد عودة هاشم بن عتبة من جلولاء إلى المدائن بلغ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن آذين بن الهرمزان قد حشد طائفة من الفرس لقتال المسلمين بمنطقة ماسباذان وهي منطقة تقع شمالي الأهواز بجتوب غرب إيران والمطلة على الخليج العربي على حدود العراق حاليا وأهم مدنها السيروان والصميرة فكتب إلى عمر في ذلك فكتب إليه عمر أن إبعث جيشا وأمر عليه ضرار بن الخطاب الفهرى فخرج ضرار في جيش من المدائن وعلى مقدمته إبن الهذيل الأسدى وعلى مجنبتيه عبد الله بن وهب الراسبي حليف بجيلة والمضارب بن فلان العجلي فخرج ضرار بن الخطاب وقدم إبن الهذيل حتى إنتهى إلى سهل ماسباذان فإلتقى الجمعان في موضع يدعى بهندف فإقتتلوا بها فأسرع المسلمون في المشركين وأسر آذين فإنهزم عنه جيشه حيث فر جنده هاربين فضرب عنقه ثم خرج الجند في الطلب حتى إنتهى إلى السيروان فأخذ ماسباذان عنوة فتطاير أهلها في الجبال فدعاهم ضرارفإستجابوا له وأقام بها حتى تحول سعد من المدائن فأرسل إليه فنزل الكوفة وإستخلف إبن الهذيل على ماسباذان فكانت إحدى فروج الكوفة وبعد هذه الوقعة لم تخبرنا المصادر التاريخية عن أى تفاصيل تخص سيرة الصحابي ضرار بن الخطاب الفهرى رضي الله عنه وغير معلوم لنا تاريخ ومكان وفاته وفي خاتمة مقالنا هذا نقول كلمة أخيرة وهي أنه هكذا كانت سيرة ضرار بن الخطاب الفهرى رضي الله عنه المشرك والعدو اللدود للإسلام والمسلمين الذى تحول الى مؤمن أواب فكان من أولئك الطلقاء الذين تجاوزوا هذا الخط بإخلاصهم الوثيق وسموا الى آفاق بعيدة من التضحية والعبادة والطهر وضعتهم في الصفوف الأولى بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأبرار وتحول هو والعديد من مسلمي يوم الفتح إلى مقاتلين أشداء وقادة في سبيل نصرة الاسلام مقاتلين عاهدوا الله أن يظلوا في رباط وجهاد في سبيل الله حتى يدركهم الموت وهم على ذلك الحال عسى الله أن يعفو عنهم ويغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم أيام شركهم وكم هو عظيم منهج ديننا الحنيف الذى يقبل ألد أعدائه إذا دخلوا فيه ويكرمهم ويحفظ لهم مكانتهم فلم يكن هناك من هو أشد عداءا للإسلام والمسلمين من ضرار بن الخطاب الفهرى والعديد من زعماء وكبار وسادات مكة مثل أبي سفيان وإبنيه يزيد ومعاوية وزوجته هند بنت عتبة وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وعكرمة بن ابي جهل وحكيم بن حزام لكن الله أكرمهم وبعد إعراض وعناد طويلين عن الإسلام إستمر أكثر من عشرين عاما هداهم الله للإسلام وحسن إسلامهم وخرجوا مجاهدين في سبيل رفع راية الإسلام ونصرة الإسلام والمسلمين من أجل نشر دين الله في شتى بقاع الأرض فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفي بالإسلام نعمة .
|