بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"
الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر والمكنى بقريش بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهو من نسل نبي الله إسماعيل عليه السلام القرشي الأسدى رضي الله عنه صحابي جليل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يلتقي معه في الجد الرابع قصي بن كلاب وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم ضمن العشرة المبشرين بالجنة وهو ينتسب إلى بني أسد بن عبد العزى وهم بطن من بطون قريش كان فيهم الشورى وهم ينتسبون إلى أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب والذى يلتقي مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجد الرابع قصي بن كلاب وكان من أعلامهم أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وإبن عمها ورقة بن نوفل وشقيقيها حزام بن خويلد وولديه خالد وحكيم والعوام بن خويلد وأولاده عبد الرحمن والسائب والزبير وأولاده عبد الله وعروة ومصعب وعمرو أبناء الزبير وأبو البخترى بن هشام وبذلك كان الزبير رضي الله عنه إبن أخ السيدة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها وكان ميلاد الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه في مكة المكرمة في عام 28 قبل الهجرة ونشأ يتيما في مكة حيث قتل أبوه العوام بن خويلد وكان عمره سنتين في حرب الفجار وهي إحدى حروب العرب في الجاهلية ووقعت بين قبائل كنانة ومنها قريش وبين قبائل قيس عيلان ومنها هوازن وغطفان وسليم وثقيف وسميت بالفجار لما إستحل فيه هذان الحيان من المحارم بينهم في الأشهر الحرم ولما قطعوا فيه من الصلات والأرحام بينهما وكانت بدايتها بسبب خلافات بين أفراد من الحيين على بعض المعاملات التجارية بسوق عكاظ تحولت إلي خصومة وعداء وقتال إستمر قرابة 10 سنوات من عام 43 قبل الهجرة حتى عام 33 قبل الهجرة وكان من قتل العوام بن خويلد رجل من قبيلة ثقيف إسمه مرة بن معتب الثقفي وعن ذلك قال رجل من ثقيف متباهيا بمقتله منَا الذى ترك العوام مجندلا تنتابه الطير لحما بين أَحجار واما أمه فهي السيدة صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها عمة النبي صلى الله عليه وسلم والتي تولت تربيته وتنشأته كما شاركتها في كفالته ورعايته عمته السيدة خديجة رضي الله عنها ومن ثم فقد نشأ الزبير بين بيت عمته خديجة وبين بيت أمه والتي كانت تكنيه بأبي الطاهر وهي كانت كنية خاله الزبير بن عبد المطلب وقد ربته السيدة صفية رضي الله عنها على خشونة العيش وتحمل المتاعب وكانت تقسو عليه وتضربه بشدة في بعض الأحيان فلما عاتبها أحد أعمام الزبير قائلا بأن ضربها للزبير ليس ضرب أم لولدها بل هو ضرب إمرأة كارهة له ردت عليه قائلة من قال أبغضته فَقد كذب وإنما أَضربه لكي يلب ويهزم الجيش ويأتي بالسلب حيث كانت السيدة صفية أم ذات هدف ورؤية في تربية إبنها الوحيد فحفزت ولدها على السعي لنيل مقام رفيع في الدنيا والآخرة وكان بلوغ هذا المقام هو هدفها الأسمى فسعت أن تجعل منه فارسا مغوارا يدافع عن دين الله ويبذل فداه روحه لينال مقام المجاهدين في سبيل الله فخططت للوصول لهذا المقام وإتبعت كل السبل لكي تحقق خطتها له فجعلت لعبته برى السهام وإصلاح القسي ولكي تمرنه على تحمل مصاعب الجهاد كانت تبحث عن كل ما يخاف منه وتجعله يواجهه وهكذا هيأته وعلمته وصبرت على مشقة تعليمه فليس من السهل على إمرأة أن تنشئ فارسا وبالتأكيد وجدت السيدة صفية رضي الله عنها عقبات ومعوقات لكن بقوة إيمانها وصبرها إستطاعت تخطيها حتى غدا الزبير رضي الله عنه فارسا من أشجع فرسان الإسلام وبطلا من أبطاله وحاز بلقب أول من سل سيفا في سبيل الله .
وكان الزبير بن العوام رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام في بداية الدعوة في مكة المكرمة وكان عمره حوالي 16 عاما وكان ضمن الصحابة الستة الذين أتى بهم الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد إسلامه إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليبايعوه على الإسلام ويسلموا بين يديه واحدا وراء الآخر وكلهم من العشرة المبشرين بالجنة وكان الخمسة الآخرون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن ابي وقاص وقد تعرض الزبير بعد إسلامه للتعذيب فقد روى أن عم الزبير كان يعلق الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار وهو يقول له إرجع إلى الكفر فيقول الزبير لا أكفر أبدا وكان الزبير كما أسلفنا هو أول من سل سيفه في سبيل الله حيث تناهى إلى سمعه ذات يوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فخرج من بيته شاهرا سيفه فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما شأنك يا زبير فقال سمعت أنك قتلت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فما كنت صانعا فقال أردت والله أن أستعرض أهل مكة فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير ولما إشتد إيذاء قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه في مكة أشار عليهم بالهجرة إلى الحبشة ليكونوا في جوار النجاشي ووصفه بأنه ملك عادل لا يظلم عنده أحد فكان الزبير ممن هاجروا الهجرة الأولى للحبشة وبالفعل فقد عاش المسلمون هناك بخير دار مع خير جار وظلوا على تلك الحال من الأمن والإستقرار إلى أن نزل رجل من الحبشة لينازع النجاشي في الملك فحزن المسلمون لذلك حزنا شديدا وخافوا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي وهو لا يعرف حق الصحابة الأطهار ولا يعرف قدرهم وهنا أراد الصحابة رضي الله عنهم أن يعرفوا أخبار الصراع الدائر بين النجاشي وبين هذا الرجل على الجانب الآخر من نهر النيل فقالوا من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم يأتينا بالخبر فقال الزبير بن العوام أنا فقالوا فأنت وكان من أحدث القوم سنا فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى الضفة الأخرى من النيل والتي كان بها ملتقى القوم ثم إنطلق حتى حضرهم وكان باقي المسلمين آنذاك يدعون الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده وبينما هم كذلك إذ عاد الزبير عبر النيل مرة أخرى إليهم وقال لهم ألا أبشروا فقد ظفر النجاشي وأهلك الله عدوه ومكن له في البلاد وبعد ذلك عاد الزبير من الحبشة إلى مكة وقام في كنف الحبيب المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقى منه مبادئ الإسلام وأوامره ونواهيه وقبل الهجرة تزوج الزبير رضي الله عنه من السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة كان الزبير من ضمن المهاجرين إليها ولحقت به زوجته بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بصحبة أبيها إلى المدينة المنورة بعد أن أدت دورا هاما في الهجرة خلد إسمها في تاريخ الإسلام حيث كانت أحد عدد قليل جدا من الأشخاص يعلمون أين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه وأنهما في غار ثور جنوبي مكة وكانت تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما فصنعت لهما طعاما فإحتاجت إلى ما تحمله به فشقت خمارها نصفين فشدت بنصفه الطعام وإتخذت النصف الآخر منطقا فلما جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم قال لها أَبدلك اللَّه بنطاقك هذا نطاقين في الجنة فسميت بذات النطاقين وظلت رضي الله عنها طوال فترة بقاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبيها في غار ثور تنقل لهما الزاد والأخبار .
وكانت السيدة أسماء رضي الله عنها آنذاك حبلى في إبنها الأكبر عبد الله رضي الله عنه الذى وضعته بعد الهجرة إلى المدينة المنورة فكان أول مولود للمهاجرين بها وقد إستبشر المسلمون بمولده حيث كانوا قد بقوا لفترة لا يولد لهم مولود حتى قيل إن يهود المدينة سحرتهم ثم حملته أمه في خرقة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم فحنكه بتمرة وبارك عليه وهو من سماه عبد الله بإسم جده أبي بكر رضي الله عنه وأمر أبا بكر أن يؤذن في أذنيه وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الزبير وبين عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وذكر إبن كثير أنه آخى بينه وبين سلام بن سلامة بن وقش وروى أيضا أنه آخى بينه وبين كعب بن مالك رضي الله عنه وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخى بين الزبير وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما قبل الهجرة ومرت الأيام وجاءت غزوة بدر الكبرى في شهر رمضان عام 2 هجرية ولما خرج النبي محمد والمسلمون من المدينة المنورة في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان من العام المذكور إلى بدر وكانوا بضعةَ عشر وثلاثمائة رجل دفع النبي صلى الله عليه وسلم لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير العبدرى القرشي رضي الله عنه وكان هذا اللواء أبيض اللون وقسم جيشه إلى كتيبتين كتيبة المهاجرين وأعطى علمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكتيبة الأنصار وأعطى علمها سعد بن معاذ رضي الله عنه وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام رضي الله عنه وعلى الميسرة المقداد بن عمرو رضي الله عنه وكان الزبير والمقداد رضي الله عنهما هما الفارسان الوحيدان في الجيش وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة رضي الله عنه وظلت القيادة العامة في يده هو ومع أن قافلة قريش التي كان المسلمون قد خرجوا لإعتراضها كانت قد أفلتت لما بلغ أبا سفيان قائد هذه القافلة خبر مسير النبي بأصحابه من المدينة المنورة بقصد إعتراض قافلته والإستيلاء عليها إستطاع الإفلات وتحويل مسارها إلى طريق الساحل لكن لما علمت قريش بخبر تعرض المسلمين للقافلة خرجوا لملاقاة المسلمين وكان قوام جيش قريش نحو ألف وثلاثمئة مقاتل في بداية سيره وكان معه مائة فرس وستمائة درع وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليا بن أبي طالب والزبيرَ بن العوام وسعدا بن أبي وقاص رضي الله عنهم جميعا في نفر من أصحابه إلى ماء بدر ليأتوا له بالأخبار عن جيش قريش فوجدوا غلامين لقريش يستقيان للجيش فأتوا بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسألوهما فقالا نحن سقاة قريش بعثونا لنسقيهم من الماء فكره القوم خبرهما ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما فقالا نحن لأبي سفيان فتركوهما وركع النبي وسجد سجدتين ثم سلم فقال إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش وقال لهما أخبراني عن جيش قريش فقالا هم وراء هذا الكثيب الذى ترى بالعدوة القصوى فقال لهما كم القوم فقالا كثير فقال لهما ما عدتهم قالا لا ندرى قفال لهما كم ينحرون كل يوم فقالا يوما تسعا ويوما عشرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم القوم ما بين التسعمائة والألف ثم قال لهما فمن فيهم من أشراف قريش فذكرا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبا جهل عمرو بن هشام وأمية بن خلف وأبا البخترى بن هشام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدى بن نوفل وحكيم بن حزام وزمعة بن الأسود ونبيه بن الحجاج ومنبه بن الحجاج وسهيل بن عمرو وعمرو بن عبد ود والنضر بن الحارث بن كلدة فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه قائلا هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها وإنتهت المعركة بإنتصار حاسم للمسلمين وأبلى الزبير بن العوام رضي الله عنه يومذاك وأُصيب بضربتين فعن إبنه عروة قال كان في الزبير ثلاث ضربات إحداهن في عاتقه إن كنت لأدخل أصابعي فيها ضرب إثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك وكان الزبير يلبس عمامة صفراء يوم بدر فنزلت الملائكة وعليها عمائم صفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم إِن الملائكة نزلت على سيماء الزبير .
وبعد حوالي عام وفي شهر شوال عام 3 هجرية كانت غزوة أحد حيث زحف مشركو قريش نحو المدينة المنورة للثأر من هزيمتهم في غزوة بدر وعندما تقارب الجمعان وقف أبو سفيان بن حرب قائد المشركين ينادي أهل المدينة المنورة بعدم رغبة مكة في قتالهم فقوبل عرض نداء أبي سفيان بالرفض والإستنكار وخرج من مشركي قريش طلحة بن أبي طلحة وطلب المبارزة فخرج إليه علي بن ابي طالب رضي الله عنه فصرعه علي وخرج رجل ثاني من قريش يطلب المبارزة فخرج إليه الزبير بن العوام رضي الله عنه فصرعه الزبير وفي بداية المعركة مالت الكفة لصالح المسلمين وكادوا أن يحققوا النصر على المشركين فخالف الرماة أوامر النبي صلى الله عليه وسلم بألا يتركوا مواقعهم مهما كانت نتيجة المعركة وهنا شن خالد بن الوليد وكان آنذاك في جيش المشركين قبل إسلامه هجوما خاطفا على مواقع الرماة ومالت الكفة لصالح المشركين وإستطاعت فرقة منهم الوصول إلى مكان النبي صلى الله عليه وسلم وإستطاع عتبة بن أبي وقاص من جيش قريش أن يصل الى الرسول وتمكن من كسر خوذته فوق رأسه الشريف وتمكن مقاتل آخر أن يحدث قطعا في جبهته الشريفه كما تمكن إبن قمئة الحارثي من كسر أنفه الشريف وفي هذه الأثناء لاحظ أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصارى حال الرسول فإنطلق اليه وإرتمى فوقه ليحميه فكانت النبل تقع في ظهره وبدأ مقاتلون آخرون يهبون لنجدة الرسول صلى الله عليه وسلم منهم مصعب بن عمير ويزيد بن السكن وعدد خمسة آخرين من الأنصار فدافعوا عن الرسول ولكنهم قتلوا جميعا وعندما قتل إبن قميئة الليثي مصعب بن عمير رضي الله عنه ظن أنه قتل الرسول فصاح مهللا قتلت محمدا ولكن الرسول في هذه الأثناء كان يتابع صعوده في شعب الجبل متحاملا على طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما حتى وصلا إلى قمة الجبل وظن المسلمون لأول وهلة أن قريشاً تنسحب لتهاجم المدينة نفسها فقال النبي عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب إخرج في آثار القوم فإنظر ماذا يصنعون فإن هم جنبوا الخيل وإمتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة فوالذى نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنَّ إليهم ثم لأناجزنهم فيها فخرج علي في آثارهم فرآهم جنبوا الخيل وإمتطوا الإبل وإتجهوا إلى مكة وقبل أن ينصرف أبو سفيان من ميدان المعركة وقف أسفل الجبل ونادى أفي القوم محمد 3 مرات فلم يجاوبه أحد ولكن أبو سفيان إستمر ينادى أفي القوم إبن أبي قحافة أفي القوم إبن الخطاب ثم قال لأصحابه أما هؤلاء فقد قتلوا ولكن عمر بن الخطاب لم يتمالك نفسه وقال كذبت والله إن الذين عددتهم لأحياء كلهم ثم صاح أبو سفيان الحرب سجال أعلى هبل يوم بيوم ببدر فقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الله أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة و قتلاكم في النار وكان عدد شهداء المسلمين يومذاك عدد 70 شهيدا وخاف النبي صلى الله عليه وسلم أن يعود المشركون بعد إنصرافهم من أحد وأن تكون تلك خدعة منهم فإنتدب عدد 70 من جيش المسلمين كان فيهم أبو بكر الصديق والزبير بن العوام رضي الله عنهما .
وكان من أحداث يوم أحد أيضا ما نقله الزبير بن العوام رضي الله عنه حيث قال عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا يوم أحد فقال من يأخذ هذا السيف بحقه فقمت فقلت أنا يا رسول الله فأعرض عني ثم قال من يأخذ هذا السيف بحقه فقلت أنا يا رسول الله فأعرض عني ثم قال من يأخذ هذا السيف بحقه مرة ثالثة فقام الصحابي الجليل أبو دجانة سماك بن خرشة فقال أنا آخذه يا رسول الله بحقه فما حقه قال ألا تقتل به مسلما ولا تفر به عن كافر فدفع السيف إليه وكان إذا كان أراد القتال يخرج عصابة حمراء يعصب بها رأسه فلما أخذ السيف من يد النبي صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصبها برأسه فجعل يتبختر بين الصفين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة يتبختر إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن وقال الأنصار أخرج أبو دجانة عصابة الموت وكان الزبير بن العوام رضي الله عنه غاضبا في نفسه لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أعطى السيف لأبي دجانة ولم يعطه له فقال في نفسه أنا إبن صفية بنت عبد المطلب عمته ومن قريش وقد قمت إليه فسألته إياه قبله فأعطاه إياه وتركني والله لأنظرن ما يصنع أى ماذا سيفعل أبو دجانة في هذه الموقعة حتى يعطى هذا السيف فإتبعته فرأيته وهو يقول أنا الذى عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل ألا أقوم الدهر في الكيول أى في مؤخرة الصفوف يعني سأقاتل في مقدمة الصفوف أضرب بسيف الله والرسول ويضيف الزبير قائلا فجعل لا يلقى أحدا من المشركين إلا قتله وكان في المشركين رجل شديد جدا يقتل كل جريح مسلم فدعوت الله أن يجمع بينه وبين أبي دجانة فإجتمعا فإختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فإتقاه بدرعه ثم عاجله أبو دجانة فضربه بسيفه فقتله وأخذ أبو دجانة يخترق صفوف الكفار حتى وصل إلى آخره وكان في آخر الجيش النساء فرفع سيفه ليضرب إنسانا ويقول أبو دجانة رضي الله عنه عن ذلك رأيت إنسانا يخمش الناس خمشا شديدا وهو يقول نحن بنات طارق نمشي على النمارق إن تقبلوا نعـانق ونبسط النمارق أو تدبروا نفارق فراقا غير وامق ويحمس الناس حمسا شديدا فصمدت له فلما حملت عليه السيف ولول فإذا هو إمرأة وهي هند بنت عتبة بن ربيعة زوجة أبي سفيان قائد المشركين فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به إمرأة ولما رأى الزبير رضى الله عنه أفاعيل أبى دجانة رضي الله عنه فى المشركين وشجاعته وإقدامه قال الله ورسوله أعلم وبعد إستشهاد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم عمته السيدة صفية في ميدان القتال وكانت ممسكة برمح وإنطلقت تجاهد به في سبيل الله وتقدمت الصفوف تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف عليها أن ترى أخاها حمزة مقتولا وقد مثل بجسده فأمر إبنها الزبير بن العوام أن يوقفها قائلا له ردها لئلا ترى ما بأخيها حمزة فَقال لها الزبير يا أمه إليك إليك فقالت له تنح لا أم لك حيث كانت تعلم بما حدث لأخيها حمزة فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم خل سبيلها فلما رأت أخاها وقد بقرت بطنه ومثل بجثمانه قالت إن ذلك في الله لقد رضيت بقضاء الله والله لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله تعالى وإنا لله وإنا إليه راجعون وصلت عليه وإستغفرت له ولما عاد المسلمون إلى المدينة المنورة بعد إنتهاء الغزوة ودفن شهداء المسلمين كان معهم عدد من أسرى المشركين وكان منهم أبو عزة الجمحي فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام رضي الله عنه أن يضرب عنقه وكان قد أسر يوم بدر ثم من عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالفداء فقال يا رسول الله أقلني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها وتقول خدعت محمدا مرتين إضرب عنقه يا زبير فضرب عنقه إمتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم .
وبعد أحد شهد الزبير بن العوام رضي الله عنه غزوة الخندق أو الأحزاب في شهر شوال عام 5 هجرية والتي حاصر المشركون فيها المدينة لمدة ثلاثة أسابيع وحاولوا عبور الخندق أكثر من مرة وكان ضمن حراس النبي صلى الله عليه وسلم خلال هذه المدة وكان هو من قتل نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي أحد فرسان قريش الذين حاولوا عبور الخندق حيث تصدى له الزبير رضي الله عنه وضربه بسيفه فشقه وإنصرف وهو يقول إني إمرؤ أحمي وأحتمي عن النبي المصطفى الأمي ولأهمية نوفل لدى المشركين فقد بعثوا لشراء جسده ليدفنوه فأعطاهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إياه وقال لا خير في جسده ولا في ثمنه ولما سرت الشائعات بين المسلمين بأن يهود بني قريظة قد نقضت عهدها معهم وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يخشى أن تنقض بنو قريظة العهد الذى بينهم وبينه فلذلك إنتدب الزبير بن العوام رضي الله عنه ليأتيه من أخبارهم فعن راوى الحديث جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير أنا ثم قال من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير أنا ثم قال للمرة الثالثة من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير أنا ثم قال إن لكل نبي حوارى وإن حوارى الزبير فذهب الزبير رضي الله عنه فنظر ثم رجع فقال يا رسول الله رأيتهم يصلحون حصونهم ويدربون طرقهم وقد جمعوا ماشيتهم وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أبويه للزبير رضي الله عنه في ذلك اليوم فعن عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال كنت يومَ الأحزابِ جعلت أنا وعمر بن أبي سلمةَ وكانا حدثين صغيرى السن في النساء فنظرت فإذا أنا بالزبيرِ على فرسه يختلف إلى بني قريظةَ مرتينِ أو ثلاثا فلما رجع قلت يا أبت رأيتك تختلف فقال أو هل رأيتني يا بني فقلت نعم فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأت بني قريظةَ فيأتيني بخبرهم فإنطلقت فلما رجعت جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويهِ فقال فداك أبي وأُمي وبعد أن إنصرف الأحزاب عن حصار المدينة وقعت غزوة بني قريظة في شهر ذى القعدة عام 5 هجرية بعد غزوة الخندق مباشرة بعدما نقضت بنو قريظة عهدها مع المسلمين وتحالفت مع الأحزاب وكادوا أن يسمحوا للأحزاب بإقتحام المدينة مما كان سيهدد سلامة وأمن المسلمين جميعا لولا إنتهاء معركة الأحزاب بمثل ما إنتهت إليه وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد عاد إلى المدينة ووضع السلاح وإغتسل وكان في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فأتاه جبريل عليه السلام فقال قد وضعتَ السلاح والله ما وضعناه أى الملائكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإلى أين فقال ها هنا وأومأ إلى ديار بني قريظة فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصرهم لمدة خمسةً وعشرين ليلة حتى إستسلم يهود بني قريظة ورضوا بالتحكيم وإختاروا سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه وكان حليفا لهم في الجاهلية ظنا منهم أنه سيرأف بهم بسبب ذلك فحكم سعد رضي الله عنه بأن تقتل مقاتلتهم الذين خانوا العهد وأن تسبى ذراريهم وأن تقسم أموالهم المنقولة كالسلاح والأثاث وغيرها بين المحاربين من أنصار ومهاجرين ممن شهدوا الغزوة وأما الأموال غير المنقولة كالأراضي والديار فتوزع على المهاجرين دون الأنصار فنفذ الرسول صلى الله عليه وسلم حكمه وقال له لقد حكمت عليهم بحكم الله من فوق سبع سماوات وأمر المهاجرين أن يردوا إلى الأنصار ما أخذوه منهم من نخيل وأرض وكانت على سبيل العارية أى ينتفعون بثمارها .
|