الخميس, 5 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

جعفر بن أبي طالب

 جعفر بن أبي طالب
عدد : 02-2024
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
موسوعة كنوز “أم الدنيا"



جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر المكنى بقريش بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهو من نسل نبي الله إسماعيل عليه السلام القرشي الهاشمي رضي الله عنه صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يلتقي معه في الجد الأول عبد المطلب بن هاشم حيث أنه إبن عمه أبي طالب الذى كفل النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة جده عبد المطلب وكان في الثامنة من عمره وهو ينتمي إلى بني هاشم نفس عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكان ينظر إليهم على أنهم من بين بطون قبيلة قريش الثلاث الأقوى والأكثر نفوذا في مجتمع مكة المكرمة قبل ظهور الإسلام وكانوا مسؤولين عن السقاية والرفادة وخدمة الحجيج وكان منهم أعمام النبي صلى الله عليه وسلم العباس وحمزة وأبى طالب وأبنائه علي وجعفر وعقيل وكان البطن الثاني بنو أمية وكانوا مسؤولين عن العلاقات السياسية بين قبيلة قريش وسائر قبائل شبه الجزيرة العربية وكان منهم الصحابي أبو سفيان بن حرب وأولاده السيدة أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعاوية بن أبي سفيان وأخيه يزيد بن أبي سفيان والخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا أما البطن الثالث فكان بنو مخزوم وكانوا مسؤولين عن إعداد وتجهيز قريش للحرب والقتال وكانت لهم أعنة الخيل والسلاح في قريش وكان أطفالهم يتدربون منذ الصغر على إستعمال الأسلحة بأنواعها المختلفة وإصابة الهدف وترويض الخيل وكان منهم أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها الزوجة السادسة للنبي صلى الله عليه وسلم وسيف الله المسلول عبقرى الحرب خالد بن الوليد بن المغيرة وأخواه الوليد وهشام وعكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام أحد قادة جيوش الإسلام في حروب الردة وفتوحات الشام بعد إسلامه وزوجته الصحابية أم حكيم بنت الحارث بن هشام وأبوها الحارث بن هشام بن المغيرة وكان ميلاد الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه على الأرجح في العام الرابع والثلاثين قبل الهجرة وكان ثاني أبناء أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أخيه الأكبر عقيل والذى كان أسن منه بعشر سنوات كما أنه كان أسن من أخيه الأصغر علي رضي الله عنه بعشر سنوات وأمه هي الصحابية فاطمة بنت أسد القرشية الهاشمية رضي الله عنها وكانت أول هاشمية تتزوج من هاشمي حيث كانت من أبناء عمومة زوجها أبي طالب وقد تربي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها بعد وفاة جده عبد المطلب وسنه 8 سنوات فكانت له بمنزلة الاُم وكانت من أبر الناس به وكان يحبها ويحترمها ويناديها بأمي وأسلمت في بداية الدعوة وكانت أول إمرأة هاجرت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة على قدميها وكانت وفاتها في العام الرابع الهجرى فكفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه وصلى عليها وكبر عليها سبعين تكبيرة ودفنها في مقبرة البقيع في المدينة المنورة ونزل في قبرها فجعل يتحرك في نواحي القبر كأنه يوسعه ويسوى عليها ثم خرج من قبرها وعيناه تذرفان فلما ذهب قال له عمر بن الخطاب يا رسول الله رأيتك فعلت على هذه المرأة شيئًا لم تفعله على أحد فقال له يا عمر إن هذه المرأة كانت أمي بعد أمي التي ولدتني إن أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة وكان يجمعنا على طعامه فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبا فأعود فيه وإن جبريل عليه السلام أخبرني عن ربي عز وجل أنها من أهل الجنة وأن الله تعالى أمر سبعين ألفا من الملائكة يصلون عليها ثم قال اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت رب إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي إنك ارحم الراحمين ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما ثم قال والذى نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي .


ومما يذكر أنه قبل البعثة لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم إملاق عمه أبي طالب إتفق مع عمه العباس أن يتركا عقيل بن أبي طالب الإبن الأكبر لأبي طالب لكي يساعده على أمور الحياة والمعيشة ومن أجل تخفيف النفقات عليه وأن يكفل النبي أخاه الأصغر علي بن أبي طالب بينما يكفل العباس إبنه الأوسط جعفر بن أبي طالب وكان إسلام الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في بداية الدعوة وقبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم وكان قد سبقه أخوه الأصغر علي رضي الله عنه وبعد أن إشتد إيذاء مشركي مكة للمسلمين سمح الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بالهجرة الأولى إلى الحبشة قائلا لهم إن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وكان ذلك في السنة الخامسة للبعثة ولم يكن جعفر رضي الله عنه ضمن من هاجروا إلى الحبشة في تلك الهجرة وبعد فترة قصيرة بلغت عدة اشهر عاد أغلب المهاجرين إلى الحبشة إلى مكة ثم كانت الهجرة الثانية إلى الحبشة في أواخر العام التاسع قبل الهجرة وأوائل العام العاشر وكان على رأسهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وزوجته الصحابية سلمى بنت عميس رضي الله عنها وكان المهاجرون إلى الحبشة بمجموعهم يشكلون تنوعا لكل طبقات المجتمع المكي ففيهم الغني والفقير والرجال والنساء والكهول والشباب مما يعطي إنطباعا بقوة تأثير الدعوة على الناس رغم كل ما واجهها من تحديات وكان عددهم 82 رجلا و18 إمرأة كان منهم غير الصحابي جعفر بن أبي طالب وزوجته رضي الله عنهما الصحابة أبو سلمة بن عبد الأسد وزوجته السيدة أم سلمة رضي الله عنها التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها وصارت من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا وخالد بن سعيد بن العاص وشقيقه عمرو بن سعيد بن العاص وعياش بن أبي ربيعة المخزومي وسلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي وعتبة بن غزوان وحاولت قريش إستعادة هؤلاء المهاجرين مرة أخرى فأوفدوا رسولين إلى النجاشي من أجل ذلك وتروى السيدة أم سلمة رضي الله عنها قصة رسولي قريش إلى أرض الحبشة فتقول لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خيرَ جار النجاشي الذى أمننا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا قرروا أن يبعثوا إلى النجاشي رجلين منهم جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم أى الجلود فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ووقع الإختيار على عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص وأمروهما بأمرهم وقالوا لهما إدفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم ثم قدما بعد ذلك إلى النجاشي هداياه ثم إسألاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم فخرجا حتى قدما على النجاشي بالحبشة ونحن عنده بخير دار عند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي وقالا لكل بطريق منهم إنه قد لجأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا دون أن يستمع منهم فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه فقالوا لهما نعم سنفعل ثم قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما ثم كلماه فقالا له ما سبق أن قالاه للبطارقة ولم يكن شئ أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي من مهاجرى الحبشة فقالت بطارقته حوله صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم فغضب النجاشي ثم قال لا والله إذن لا أسلمهم إليهما ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادى وإختاروني على من سواى حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني .

وتضيف ام سلمة رضي الله عنها قائلة ثم أرسل النجاشي إلى مهاجرى الحبشة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله إجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن فلما جاءوا وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم ما هذا الدين الذى قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية فكان الذى كلمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسئ الجوار ويأكل القوى منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدقناه وآمنا به وإتبعناه على ما جاء به من الله فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك وإخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك فقال له النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شئ فقال له جعفر بن أبي طالب نعم فقال له النجاشي فإقرأه علي فقرأ عليه صدرا من سورة مريم كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا إلى الآيات وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا فبكى النجاشي عندما سمع تلك الآيات حتى إخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم ثم قال النجاشي إن هذا والذى جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة وقال مخاطبا عبد الله وعمرو إنطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون فلما خرج رسولا قريش من عنده قال عمرو بن العاص والله لآتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم فقال له عبد الله بن أبي ربيعة لا نفعل فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد وبالفعل غدا عليه من الغد فقال له أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه فأرسل إليهم ليسألهم عنه فإجتمع القوم ثم قال بعضهم لبعض ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه قالوا نقول والله ما قال الله وما جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن فلما دخلوا على النجاشي قال لهم ماذا تقولون في عيسى بن مريم فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه نقول فيه الذى جاءنا به نبينا صلَّى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود أى أن قولك لم يعد عيسى بن مريم بمقدار هذا العود فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال وإن نخرتم والله إذهبوا فأنتم شيوم بأرضي أى آمنون ومن ثم قال من سبكم غرم وما أحب أن لي دبرا أى جبلا من ذهب وأني آذيت رجلا منكم ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه فخرج عبد الله وعمرو من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به وأقام المسلمون عند النجاشي بخير دار مع خير جار .


وفي أواخر العام السادس الهجرى وبعد صلح الحديبية أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى بكتابين إلى النجاشي الأول يدعوه فيه إلى الإسلام وكان نصه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول لله إلى النجاشي ملك الحبشة سلام عليك إني أحمد الله إليك الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه كما خلق آدم بيده وإنى أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل وقد بلغت ونصحت فإقبلوا نصحي والسلام على من إتبع الهدى فلما قرأ النجاشي كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن تزال الحبشة بخير ما كان هذا الكتاب بين أظهرهم وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ردا على كتابه بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة السلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته الذى لا إله إلا هو الذى هداني للإسلام أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فورب السماء والأرض إن عيسى عليه الصلاة والسلام لا يزيد على ما ذكرت وقد عرفنا ما بعث به إلينا وقد قربنا إبن عمك وأصحابه يعني جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من المسلمين رضي الله عنهم أجمعين فأشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم صادقا مصدقا وقد بايعتك وبايعت إبن عمك وأسلمت على يده لله رب العالمين وأما الكتاب الثاني الذى حمله عمرو بن أمية الضمرى رضي الله عنه للنجاشي فكان بخصوص زواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها فبعد أن إنقضت عدتها بعد وفاة زوجها الأول عبيد الله بن جحش أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب إِلى النجاشيِ ملك الحبشة يطلب منه أن يكون وكيله في الزواج من السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان وأن يبعث بها إليه مع من عنده من المسلمين وأخذ النجاشي كتابي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبلهما ووضعهما على رأسه وعينيه ونزل عن سريره تواضعا وأمر بحق من العاج حفظ فيه الكتابين وأرسل النجاشي إلى أم حبيبة يخبرها بخطبة رسول الله صلى عليه وسلم إياها عن طريق جارية إسمها أبرهة فقالت لها أبرهة إن الملك يقول لك أن توكلي عنك من يزوجك فوكلت الصحابي خالد بن سعيد بن العاص حيث كان أقرب مسلمي الحبشة لها حيث كان من عشيرتها بني أمية وكان أبوه سعيد بن العاص إبن عم أبيها أبي سفيان بن حرب وأرسل النجاشي إلى الصحابي جعفر بن أبي طالب ومن كانوا معه من المسلمين بالحبشة فحضروا وخطب النجاشي فقال الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنه الذي بشر به المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقتها عنه 400 دينار ثم سكب الدنانير ثم خطب وكيل العروس خالد بن سعيد بن العاص فقال الحمد لله أحمده وأستعينه وأستنصره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان فبارك الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقبض الدنانير وأراد جعفر وخالد وباقي المسلمين رضي الله عنهم أجمعين أن يقوموا فقال لهم النجاشي إجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا وهكذا تم عقد النكاح فكان النجاشي وكيلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه وكيلا عن أم حبيبة رضي الله عنها ولم يكن في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من هي أكثر صداقا منها ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها وقام النجاشي بتجهيز السيدة ام حبيبة رضي الله عنها بالكامل وأرسل إليها مع أبرهة كل مستلزمات عرسها حتى العطور من العود والعنبر وإرتحل مهاجرو الحبشة الذين إستبقاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى حين ثلاثة عشر عاما يصلون ويصومون ويعبدون الله عز وجل وهم مبعدون عن وطنهم وأهلهم وذويهم فترة طويلة ولم يكن لهم من ذنب إقترفوه إلا أنهم يقولون ربنا الله .


وكان قدوم جعفر بن أبي طالب وباقي مهاجرى الحبشة على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر فقبل الرسولُ بين عينيه وإلتزمه وقال ما أدرى بأيهما أكون أشد فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر وأنزله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد وكان البعض من الناس يقولون لمهاجرى الحبشة سبقناكم بالهجرة وحدث أن دخلت أسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما على أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما زائرة فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها فقال حين رأى أسماء من هذه قالت أسماء بنت عميس فقال عمر الحبشية هذه البحرية هذه فقالت أسماء نعم فقال لها سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلَّى الله عليه وسلم منكم فغضبت وقالت كلا والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار أو في أرض البعداء والبغضاء بالحبشة وذلك في الله وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأسأله ووالله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا قال فما قلت له قالت قلت كذا وكذا قال ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان فكان ما من شئ في الدنيا أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم وفي شهر ذى القعدة عام 7 هجرية كانت عمرة القضاء حيث قدم الرسول صلى الله عليه مع ألفين من أصحابه سوى النساء والصبيان لأداء العمرة عوضا عن العمرة التي صرفوا عنها في العام السابق وفقا لشروط صلح الحديبية وعند إنصراف المسلمين من مكة المكرمة تبعتهم أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب وهي تنادى الإمام علي قائلة يا عم يا عم فأخذها من يدها وقال للنبي صلى الله عليه وسلم علام نترك إبنة عمنا يتيمة بين ظهرى المشركين فوافقه النبي صلى الله عليه وسلم على إخراجها من مكة وبالفعل خرجت بصحبة المسلمين إلى المدينة المنورة ودفعها الإمام على إلى زوجته السيدة فاطمة الزهراء قائلا لها دونك إبنةَ عمك إحمليها مع الحسن والحسين وكان أول شئ سألت عنه أمامة هو قبر أبيها فزارته وكأنها تودع أباها الذى لم يتح لها ان تودعه قبل إستشهاده وتنافس ثلاثة من الصحابة على ضمها إليهم فقال زيد بن حارثة إن النبي آخى بينه وبين حمزة بعد الهجرة وبذلك فهو أحق بها فهي إبنة أخيه ولما سمع جعفر بن أبي طالب بذلك إعترض وقال لا أنا أحق بها وأنا زوج خالتها فقال الإمام علي بن أبي طالب ألا أراكم تختصمون في إبنة عمي وأنا الذى أخرجتها من بين أظهر المشركين وليس لكم إليها نسب دوني وأنا أحق بها منكم وإحتكم الثلاثة للرسول صلى الله عليه وسلم لكي يفصل بينهم فقال الرسول أما أنت يا زيد فمولى الله ومولى رسوله وأما أنت يا علي فأخي وصاحبي وأما أنت يا جعفر فشبيه خلقي وخلقي وأنت يا جعفر أولى بها تحتك خالتها والخالة في منزلة الأم ولا تنكح المرأة على خالتها ولا على عمتها وبذلك قضى بها لجعفر إلا إنه لا يتزوجها تكون فى بيته تحت رعايته ورعاية زوجته خالتها السيدة أسماء بنت عميس رضي الله عنها فقام جعفر فحجل حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي له ما هذا يا جعفر فقال يا رسول الله كان النجاشي إذا أرضى أحدا قام فحجل حوله وهكذا عاشت أمامه بنت حمزة بن عبد المطلب فى المدينه المنوره فى حضانة خالتها أسماء بنت عميس لتنعم بمجتمع المودة والتراحم الذى أسس دعائمه الدين الجديد .


وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بعد توقيع صلح الحديبية قد قام بمراسلة الملوك والأمراء وقادة الأمم والشعوب والقبائل والجماعات التي كانت موجودة في عصره يدعوهم فيها إلى الإسلام وكانت هذه الرسائل تعد صفحة بارزة من صفحات السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي لأن تلك الرسائل كانت تكشف وجها من وجوه التطبيق العملي الملموس لعالمية الدعوة وكان ممن تم مراسلتهم ملك بصرى بجنوب سوريا وكان مبعوث النبي له هو الصحابي الحارث بن عمير الأزدى إلا أن شرحبيل بن عمرو الغساني والي البلقاء الواقع تحت الحماية الرومانية إعترض طريقه وقبض عليه وأوثقه وضرب عنقه قبل أن يبلغ رسالة النبي محمد إلى ملك بصرى وكان من المتعارف عليه بين الملوك وزعماء القبائل أن الرسل لا تقتل ولا يجوز لأحد أن يتعرض لهم لأنهم يحملون مجرد رسائل من أقوامهم وقد مثل قتل الحارث بن عمير الأزدى إنتهاكا كبيرا لهذا العرف وكان هذا بمثابة إعلان الحرب على المسلمين ولذا فقد إشتد غضب النبي محمد حين نقلت إليه أخبار مقتل مبعوثه إلى ملك بصرى فجهز جيشا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل وكان هذا هو أكبر جيش إسلامي تم جمعه آنذاك فلم يتم جمع مثل هذا العدد قبل ذلك إلا في غزوة الخندق وتجمع جنود المسلمين خارج المدينة وكان اليوم يوم جمعة وأرسل إليهم النبي أنه سيأتيهم بعد صلاة الجمعة وكان عبد الله بن رواحة ضمن الجيش فقال أجمع مع النبي ثم آتي الجيش فلما وصل النبي للجيش لم يجده ولمحه قادما من بعيد فسأله ما خلفك فقال قلت أجمع معك فقال له النبي لغدوة أو روحة خير من الدنيا وما فيها ووقف الرسول يسمي القادة ويقول قائد الجيش زيد بن حارثة فإن قتل فجعفر بن أبي طالب فإن قتل فعبد الله بن رواحة فإن قتل فإختاروا من شئتم وخرجت نساء المسلمين لتوديع أزواجهن وهن يقلن ردكم الله إلينا صابرين فرد عبد الله بن رواحه وقال أما أنا فلا ردني الله وأنشد قائلا لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع تقذف الزبدا أو طعنة بيدى حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقال إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشدا وخرج الجيش من المدينة المنورة وكان ذلك في شهر جمادى الأولى عام 8 هجرية لمواجهة الغساسنة حلفاء الروم الذين كانوا يسكنون شمال شبه الجزيرة العربية وجنوبي الشام في موقع المملكة الأردنية حاليا ويصل الجيش إلي قرب قرية مؤتة وهي قرية تقع في الأردن حاليا وتأتي الأخبار أن الغساسنة قد أعدوا جيشا جرارا قوامه 100 ألف جندى غير أن الروم حلفاءهم قد أعدوا جيشا آخر لمساندتهم لايقل عدده أيضا عن 100 ألف مقاتل ولما رأى المسلمون كثرة الروم أرادوا أن يبعثوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدد عدوهم وقالوا فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له فوقف فيهم عبد الله بن رواحه يبث فيهم الأمل ويرفع معنوياتهم فقال كما ذكر المؤرخ إسماعيل بن كثير في كتابه البداية والنهاية يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به فإنطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة وكان لقول إبن رواحه أثره الكبير في تثبيت المسلمين حيث قالوا قد والله صدق إبن رواحة فمضوا وقرروا دخول قرية مؤتة ليتحصنوا بها فلا يستطيع الغساسنة مواجهتهم إلا بمثل عددهم ويظل القتال محتدما بين الطرفين لمدة تسعة أيام ويقتل من الغساسنة عدد كبير وفي اليوم التاسع يركز الغساسنة علي قائد المسلمين زيد بن حارثة رضي الله عنه حتي يسقط شهيدا رضي الله عنه فيتولي القيادة القائد الثاني جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فيتكاثروا عليه أيضا حتي يسقط شهيدا بعد أن قطعت يداه فيتولي القيادة القائد الثالث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه .


وتلقى الراية عبد الله بن رواحة وتقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد وأخذ يشجع نفسه وقد رأى بعينيه إستشهاد صاحبيه ثم تقدم وهو يرتجز قائلا أقسمت يا نفس لتنزلنه طائعة أو لا لتكرهنه فطالما قد كنت مطمئنة ما لي أراك تكرهين الجنة هل أنت إلا نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنة وأتاه إبن عم له بعرق من لحم فقال شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت فأخذه من يده فإنتهس منه نهسة ثم ألقاه من يده وهو يقول يا نفس إن لا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد لقيت وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت وأخذ سيفه وتقدم فقاتل حتى سقط شهيدا رضي الله عنه وبعد إستشهاد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي صلى الله عليه وسلم تصالح الناس علي تولية خالد بن الوليد القيادة فأكمل اليوم وفي المساء جمع قادته وقال لهم إن هذه المعركة لا يمكن أن تحسم بنصر فعدونا أكثر منا عددا وعدة ولن يمكننا أن نظل متحصنين بقرية مؤتة وأن الحل هو الإنسحاب والعودة بسلامة الله إلي المدينة المنورة وإلي جولة أخرى بإذن الله ولكن علينا أن ننسحب إنسحابا منظما دون أن يتبعونا في الصحراء المكشوفة لأنهم إذا إتبعونا أبادونا ووافق القادة علي هذا الحل فبدأ خالد يضع خطة الإنسحاب حيث فكر في مكيدة حربية تلقي الرعب في قلوب الرومان بحيث ينجح في الإنحياز بالمسلمين من غير أن يقوم الرومان بحركات المطاردة فقد كان يعرف جيدا أن الإفلات منهم صعب جدا لو إنكشف المسلمون وقام الرومان بالمطاردة فبدل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة والمقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة وطلب من الجند تغيير ملابسهم وراياتهم كما قام بإنتخاب 300 فارس وطلب منهم العودة خلف صفوف الجيش بعد صلاة الفجر وأن يقسموا أنفسهم 6 مجموعات كل مجموعة 50 فارس وعليهم أن يثيروا الغبار خلف الجيش بحوافر خيولهم وأن يتصايحوا وتعلو أصواتهم ويكبروا ويهللوا وأن تنضم أول مجموعة إلي الجيش فيستقبلها الجيش بالترحيب والتكبير والتهليل تتلوها المجموعة الثانية فالثالثة وهكذا وذلك بهدف إيهام الغساسنة بقدوم مدد من المدينة المنورة كما أخبر خالد الجند أنه بإنضمام المجموعة السادسة إلي الجيش سيصيح قائلا يا عباد الله توكلوا علي الله فيهجم الجيش كله هجمة شرسة علي صفوف الغساسنة وفي اللحظة المناسبة وقبل أن يفيق الغساسنة من الصدمة سيصيح قائلا يا عباد الله عودوا وهنا تبدأ وحدات الجيش في الإنسحاب تباعا وبالفعل تم تنفيذ هذه الخطة بحذافيرها وأصاب الغساسنة الذهول من شراسة قتال المسلمين ويقول خالد بن الوليد رضي الله عنه عن هذا اليوم تكسرت في يدى يوم مؤنة تسعة أسياف فما بقي في يدى إلا صفيحة يمانية أى سيف من اليمن حيث كان رضي الله عنه مبارزا فذا من الطراز الأول ويستطيع أن يبارز بسيفين في وقت واحد بكلتا يديه وبنفس المقدرة والبراعة وهكذا وفي اللحظة المناسبة أطلق خالد صيحته الثانية يا عباد الله عودوا فبدأ الجيش في الإنسحاب فخشي الغساسنة أن يتبعوا الجيش وهو ينسحب خشية أن يكون هناك كمين قد نصبه خالد لجندهم في الصحراء المكشوفة وهكذا أخذ جيش المسلمين طريقه نحو المدينة المنورة .


وهكذا نجحت الخطة العبقرية لخالد بن الوليد نجاحا باهرا وجدير بالذكر أن خطة إنسحاب خالد بجيش المسلمين أصبحت بعد ذلك تدرس في الكليات والأكاديميات العسكرية حتى اليوم وكان الرسول صلي الله عليه وسلم في المدينة يشرح للمسلمين المعركة علي الهواء مباشرة ويقول عن ذلك إن الله قد رفع لي الأرض فرأيت معتركهم وأخبرهم عما حدث للقادة الثلاثة الذين عينهم ويخبر المسلمين بأنه يراهم الآن في الجنة ثم يسكت للحظة ثم يقول أخذ الراية سيف من سيوف الله يفتح الله علي يديه ومن يومها سمي خالد بن الوليد رضي الله عنه بسيف الله المسلول ومن الطريف أن بسطاء المسلمين كانوا غير متصورين أن ينسحب الجيش ويترك أرض المعركة غير مدركين أن هذا كان هو القرار الصائب والذى أنقذ به خالد بن الوليد جيش المسلمين من الدمار في ظروف غاية في الصعوبة خاصة بعد إستشهاد القادة الثلاثة الذين سبقوه وخرجوا لإستقبال الجيش العائد من مؤتة وأخذوا يقذفون الجند بالحجارة والطوب ويلقون بالتراب في وجوههم ويقولون يا فرار يا فرار فررتم من الزحف إلا أن الرسول نهاهم عن ذلك قائلا بل هم الكرار بإذن الله وإن خالد ليس بالفرار بل هو سيف من سيوف الله يفتح الله على يديه وكانت هذه المعركة بحق هي شهادة مبكرة من النبي صلي الله عليه وسلم علي مولد العبقرية العسكرية لهذا القائد العسكرى الفذ رضي الله عنه الذى عجزت النساء أن يلدن مثله خاصة وأنه قد تولي قيادة جيش المسلمين في أصعب الظروف وهو يرى أمامه القادة الثلاثة الذين سبقوه يقتلون علي أيدى الغساسنة ومما يذكر أنه قد إستشهد من المسلمين في مؤتة عدد 12 شهيدا منهم القادة الثلاثة الذين عينهم النبي صلى الله عليه وسلم أما الغساسنة والرومان فقتل منهم 3350 رجل ومما يذكر أنه لما علم النبي صلى الله عليه وسلم بإستشهاد زيد وجعفر وإبن رواحة رضي الله عنهم ذهب إلى بيت جعفر فوجد أسماء زوجته وقد دبغت أربعين منا وعجنت عجينها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إئتيني ببني جعفر فأتت بهم فتشممهم وذرفت عيناه فقالت أسماء يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما يبكيك أبلغك عن جعفر وأصحابه شئ قال نعم أصيبوا هذا اليوم فقامت تصيح وإجتمعت إلي النساء وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم ودعا النبي صلى لله عليه وسلم لجعفر رضي الله عنه قائلا اللهم إن جعفرا قد قدم إليك إلى أحسن الثواب فأخلفه في ذريته بخير ما خلفت عبدا من عبادك الصالحين وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما أتى نبأ وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن وروى أن الرسولَ لما أتاه نعي جعفر رضي الله عنه ودخلت عليه السيدة فاطمة إبنته رضي الله عنها وهي تبكي وتقول واعماه فقال الرسول صلى الله عليه وسلم على مثل جعفر فلتبك البواكي ودخله من ذلك هم شديد حتى أتاه جبريل فأخبره أن الله قد جعل لجعفر رضي الله عنه جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة في الجنة .
 
 
الصور :