كتبت: ريهام البربري
Rehamelbarbary2006@yahoo.com
أربعة وأربعون عاماً مرت من الاحتفالات بيوم السياحة العالمى، وفي السابع والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام يرفع القطاع السياحى شعاراً خاصاً لهذه المناسبة،ولقد قامت منظمة السياحة العالمية هذا العام برفع شعار "سياحة وسلام"، لتسلط الضوء وتبرز دور السياحة نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، والتأكيد على أن إسهامات السياحة المستدامة غير قاصرة على دعم الاقتصاد، إنما أيضاً تعمل على تعزيز سبل التفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب والثقافات، مما يسهم في بناء عالم أكثر سلاماً واستقراراً.
ولقد ظل الاتجاه السائد خلال التاريخ الإنساني وعلى مر العصور أن طريق تحقيق السلام يکون من خلال الدين،أو السياسة، أو الجغرافيا ،أو الاقتصاد، أو العلوم الإجتماعية, إلا أننا في زمن الصراعات والحروب الجالبة للبشرية عواقب وخيمة ، أصبح سعينا نحو تحقيق السلام من خلال السياحة هدفاً شديد الأهمية لقدرتها على جعل العالم أکثر استقراراً من خلال تبادل الثقافات ودعم جهود المصالحات بين الدول على أساس انعدام جدوى استمرار الصراعات ووجوب تحييدها فيما بينها وإيقافها بمنتهى الارادة والعزيمة عند نقطة محددة عادلة و مقبولة من جميع الأطراف.
ولو نظرت الحكومات والشعوب من زاوية أخري للصراعات لاكتشفت أن هناك الكثير من التحديات والقضايا المشتركة توحدها فعلياً أكثر من تفرقتها ، مثل تحديات التغير المناخى والزلازل والبراكين والفيضانات والحرائق والجفاف والأعاصير التى تهدد الكرة الأرضية بشكل جماعى خلال السنوات المقبلة.
المجتمعات ينقصها الكثير من الوعى السياحى؛ فكلما زاد الوعى زادت الحركة السياحية، وذلك يكون من خلال بناء مجتمعات مثقفة سياحياً، على دراية بأهمية الإنجازات والنجاحات التي يحققها القطاع السياحي وما يقدمه من فرص ومكاسب علي كافة الأصعدة والتى تنعكس في النهاية على أفراد المجتمع.
وعالمنا الأن يحتاج لتعاون انساني لبناء السلام، والحد من كل أشكال التمرد والعنف؛ وفي إمكان كل إنسان علي هذا الكوكب أن يتطلع له باحترام طبيعة واختلاف الألوان والأجناس والسلوك ؛ ومصرنا الحبيبة سر السلام ومفتاحه ، فهى الدولة الوحيدة التى ذُكر اسمها في القرآن الكريم أربع مرات صراحة؛ وأكثر من ثلاثين مرة تلميحاً ،مما يؤكد انفرادها ومكانتها الخاصة بين كل بلاد الله الأخرى ، أتذكرون قول نبي الله يوسف الصدّيق عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام، حينما كان عزيزُ مصر وأراد أن يبعث رسالة طمأنينة إلى كل العالم، فقال: "ادخُلُوا مِصرَ إن شَاءَ اللهُ أمِنِينَ "، وقال عنها المؤرخ اليونانى هيرودوت: "مصر هبة النيل "؟.. النيل المبارك الذى نشأت على ضفافه أقدم الحضارات منذ أكثر من 5500 عام ، وخلّدها قدماء المصريين عبر صفحات التاريخ، النهر الوحيد في العالم الموصوف في القرآن على لسان فرعون، قال تعالى:"وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ".. والذى تم مباركته من أشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: (سيحان وجيحان والفرات والنّيل كلٌّ من أنهار الجنّ).
مصر الدين والتاريخ حقائق بلا تزييف فى وجدان كل البشرية، حاضنة أجمل وأطهر بقاع الأرض والتى فيها تجلى المولى عز وجل بوجهه الكريم لسيدنا موسى عليه السلام. مصر التى توالى عليها المستعمرون، ورغم ذلك صمدت قاهرة الطغاة والمعتدين ، حتى أتوا يوما منهزمين يطلبون معاهدة للسلام، مصر بلد الأمن والأمان والإيمان، والأزهر الشريف قبلة العلم وشعاع النور الذى يأتيه الدارسون من كل فج عميق، مصر التى تعاهد أهلها أن يكونوا فى رباط إلى يوم الدين . مصر عبقرية الزمان والمكان، ملتقي الأديان، أرض محبة وسلام، ستظل تتحدث عن نفسها حتى تقوم الساعة ، مستقبلة بكل مودة وحب وترحاب السائحين من شتى بقاع الأرض. |